هدفنا من هذا الموضوع أن تعود للمجتمع المسلم أخلاقياته الجميلة النبيلة السامية، وإن كان هناك في مجتمعنا من تحركه دوافعه دون رابط أو قانون، وبعضهم وصف الإسلام بأنه يقمع احتياجات الإنسان ورغباته، وهذه بالطبع دعاوى باطلة، وأخلاقنا الإسلامية قد حققت التوازن بين مطالب الروح والجسد فلا تمنع حاجة الجسد من الشهوات والرغبات بل تضعها في إطارها الشرعي،فقال الله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}الأعراف32 ، فمن حق الإنسان في إشباع رغباته بالضوابط الشرعية مع إشباع الروح بالذكر والطاعة والعبادة والله الذي خلقنا وهو أعلم بنا قد وضع القانون الذي يناسبنا في كل زمان ومكان، ولم يعسر علينا ، بل يسر ويسر، ورفع الحرج عنا، يقول تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}الحج78 {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}البقرة286 وإذا كان علماء الاجتماع والنفس في الغرب الآن يبحثون نظريات الدوافع ، فقد كان للإسلام السبق، فلا يحكم على الأفعال بظاهرها فقط ولكن تمتد إلى النوايا والمقاصد والبواعث التي تحرك هذه الأفعال الظاهرة يقول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات). والقرآن يأمر وينهي، ولكن بأسلوب الإقناع ، ومخاطبة العقل والوجان معا، فما من نهي شرعي، إلا وله أسبابه،فعندما يحرم الزنى، يقرر سبحانه وتعالى أنه فاحشة، فيقول: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء، وعندما يأتي شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنى، يخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بأسلوب فيه الإقناع، والحب ، فيسأله صلى الله عليه وسلم: هل يرضاه لأخته أو لأمه ، فيقول الشاب: لا، ويتعلم أن الإسلام وضع هذه الضوابط والأحكام لحكمة، فهذه الضوابط، كما تحكمني في التعامل مع غيري، فإنها تحكم غيري في التعامل معي، فعندما يأمر الرجل بغض البصر عن محارم الناس، فإنه يأمر غيره من الرجال بغض البصر عن محارمه وعندما يحرم الله الخمر والميسر ، يأتي الأسلوب الإقناعي في وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة90-91 ، وكذلك الأخلاق الإسلامية تقبلها الفطرة السليمة ولا يرفضها العقل الصحيح فهلا عدنا جميعا إلى أخلاق الفطرة.. إلى أخلاق الإسلام، فليبدأ كل منا بنفسه، وأردد معكم بعض الأبيات من قصيدة صناعة أمة ، من ديواني: من فيض الوجدان: بمكارم الأخلاق صناعة الأمم بالعزم والإخاء بالعدل والكرم صناعة الأمم تحتاج للهمم يا أمة التوحيد فلنعلُ للقمم