بكل أبجديات الصدق وحروفه ونقاطه وحركاته وسكناته وجدت في حديث إمام مسجد الذاكرين الشيخ فيصل بن عبدالرحمن الحميد الذي نشرته جريدة المدينة في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي مايدعو لمتعة المتابعة بغض النظر عن كوني على معرفة بفكر ومنطلق هذا الرجل ، الذي يمتلك الكثير من عوامل التفوق ليس على مستوى منبر مسجده ولكنه بصفته أحد رجال الميدان التربوي ومن خيرة المشرفين التربويين لمادة التربية الإسلامية ، مما يمكنه من إثراء ساحته بكل جديد هكذا شرفت بمعرفته فكان نعم التربوي الذي يأخذ بيد زملائنا المعلمين في هذا التخصص لنحسن اختيار كوادره بغية الاعتدال والوسطية وتحفيزهم للوصول لقمة الأداء والإخلاص والتفاني والخروج من الرتابة والتقليد الممل الذي بات مؤثرا سلبيا لابد لنا من الخروج منه ، بما لدينا من طرق تربوية حديثة في ظل وفرة من التقنيات مهما كانت متفاوتة في تواجدها بين مدرسة وأخرى ، أن الوصول لهذه الأهداف التربوية يحتاج إلى طاقات متجددة من زملائنا المعلمين رفاق الدرب ولكنه لم يكن مستحيلا لكل ذي طموح حتى وإن لم يصلوا لأعلى هذه القمة وإنما لديه الإرادة رغبة في كسب ثقتهم بسياسة النفس الطويل وحثهم لمتابعة الخُطى مهما بعدت بهم المسافات ، ومن البديهي أن يجد جدوى نجاح خطته مما شجعه على الاستمرار في انتظار المزيد من النجاحات المستقبلية لإضافات أخرى من وجهة نظر المعنيين من كافة القيادات التربوية بما تمثله من أهمية لتحقيق خبرات ميدانية سريعة التأثير والفاعلية ُتثري مجالنا التربوي لاسيما وان ثنائية البناء التربوي والاجتماعي تنطلق منسجمة مع توجهات المسجد باعتباره مرتكز حضاري ومنتدى فكري يلتقي بين جنباته سكان الحي الواحد يوميا كأفضل الأماكن لأداء العبادة وتدبر شؤون حياتهم وتواصلهم الاجتماعي وعلاقاتهم الإنسانية ، وللحقيقة فإن ما بيني وبين هذه الشخصية التربوية ليست تلك المعرفة التي تسمح لشخصي أن أكيل له عبارات المديح وهو منها براء بل إنه ممن يرفضها تماما ولم يكن بحاجة لها ، لأنه ببساطة حدَّدْ مسار أهدافه وحفر في الصخر ليصل إليها مهما كلفه من جهد حتى وإن طال به السفر ، فمن طبيعته إنه لايستعجل النتائج ولكنه لايغفل عوامل الوصول إليها التي تتضمنها أجندته اليومية التي تدل على حرصه على الدقة والتنظيم والأخذ بمبدأ الأولويات ، كم هو جميل منه وهو يقف على منعطفات عديدة يتطلبها مجاله العملي ولكنه من خلال توجيهاته التربوية لزملائه المعلمين يتجاوز بعض هفواتهم بابتسامة خفيفة تدل على أدبه الرفيع تضفي على أجواء العمل الكثير من الاطمئنان وتعطي الطرف الآخر قناعة التعديل بمبدأ الشفافية وأدب الحوار ، ومثل هذه الأساليب التربوية الرائدة تُعطي جدواها و كما للميدان التربوي أحقية الأخذ بها لسرعة استجابتها ، فإن منابر مساجدنا هي أحق بها في زمن كثرت فيه الأخطاء والاجتهادات والتمسك بالرأي الأوحد ، وهي مشكلة العصر التي من مبدأ القول لابد لكافة مؤسسات المجتمع المدني وأولاها مساجدنا وجوامعنا أن تصل لأفضل النتائج متجاوزة بذلك كل الصعاب وثقافة الإحباط ، وهي مسؤولية وأمانة كبيرة علينا أن نتحمل تبعاتها وتحليل نتائجها وان تتضافر جهودنا مجتمعة من أجل الوصول بها لتكون مثلا حيا وأسلوبا تطبيقيا في حياتنا وتعاملاتنا اليومية مع أطراف أخرى على المستوى الاجتماعي المحلي كما هو مطلوب أيضا من حواراتنا مع المجتمع العالمي ، ومع تقديري لكافة الشرائح التي تابعت اللقاء من قراء ونخب تربوية وثقافية فهم ليس بحاجة لإعادة فقراته على وجه التحديد نصا حرفيا ، ولكنني أطالب بتعميم التجربة على نطاق مراكز الأحياء التي يبدو أن بعضها لازال دون مستوى طموحات مجتمعنا ونخبنا الثقافية لاعتمادها بشكل شمولي يتحقق من خلالها فوائد عديدة خصوصا وضيف اللقاء من أعضاء مجلس إدارة الأحياء ، ويتطلب منه المكاشفة بشفافية وإشراك من تسمح ظروفهم بقبول التعدد النوعي والفكري في ظل الانفتاح الغير مخل بقيمنا وموروثنا حتى تكتمل رؤية المجتمع بكافة أطيافه ، كما أن هناك من أئمة الساجد في محافظة جدة ممن لديهم تجارب مماثلة وتقنيات معاصرة أكثر تأثيرا على المجتمع وبالإمكان استخدام طرق متطورة وصور مصاحبة بواسطة " الداتا شوب " التي تُعمِّق وصول المعنى لدى جماعة المصلين أثناء خطب الجمعة وغيرها من الدروس الأسبوعية ، التي توفر الكثير من الجهد لدى أئمة المساجد وتضع الصورة بواقعية أمام الرأي العام وقد تواجه ببعض الانتقادات في بداية الأمر كأي متغير وهي من الأشياء البديهية التي عادة ماتواكب متطلبات العصر ولو توفرت هذه التقنيات في زمن مبكر لما تردد المسلمون الأوائل من استخدامها . mu7mad@ hotmail. com