تعود الأخ خالد وعائلته ان يقضي اجازة عيد الفطر في جدة بعد ان تركها والده العم سامي من اكثر من خمسين عاما ليستقر في المنطقة الشرقية هو وزوجته نايرة ابنة عمه ويعمل في تجارة التحف والذي اصبح من اشهر تجار التحف في ذلك الزمان واستمر في العمل هناك الى ان شاركه ابنه الوحيد خالد في هذه التجارة وتزوج خالد من ابنة عمه الاستاذة ليلى التي عرفت دوما بأنها سيدة حكيمة ومربية فاضلة . وكبر العم سامي واصبح خالد المسؤول الاول والأخير عن تجارة والده والاهتمام بوالديه وفي تاريخ 1صفر 1429ه توفي العم سامي ونقل جثمانه الى جدة ودفن في مقابر المعلاة بمكة واقيمت مراسم العزاء في جدة بين اخوانه واخواته وانتهى العزاء بعد ثلاثة ايام واستمر عزاء ام خالد في فقدان رفيق دربها على اكثر من 50 عاما وعادوا الى الخبر لتعود حياتهم من جديد الى طبيعتها ويعود خالد الى تجارته وزوجته الاستاذة ليلى وابناؤهم الى حياتهم الطبيعية بعد ان رزقه الله بشيماء 23 سنة ومحمد 20 سنة وصفية 18 ورقية 15 سنة وعبدالله آخر العنقود 9 سنوات . ويأتي شهر رمضان المبارك لعام 1429ه ويستعدوا لقضاء العيد في جدة كما تعودوا من ايام العم سامي رحمه الله وبعد قضاء العيد ها هو خالد يستعد للرحيل الى الخبر هو ووالدته وزوجته وابناؤه ولكن الاجازة يبقى عليها ايام عديدة فيستعد خالد ومن الخبر للانطلاق الى الامارات لتكملة اجازة العيد ولكن والدته لا تحتمل السفر برا فجلست هي وابنه محمد في الخبر وذهب خالد وعائلته الى الامارات .. والآن حان الموعد موعد الرجوع الى ارض الوطن فغدا يوم السبت تعود الأستاذة ليلى الى عملها ويعود الأبناء الى مدارسهم . وها نحن الآن في مساء الجمعة وفي داخل دولة الإمارات وقبل الحدود السعودية انفجر احد اطارات المركبة التي يقودها خالد وفقد السيطرة فإذا بها تتقلب على الطريق ويتناثر الاولاد وفي لحظات معدودة وفي لمح البصر تستقر المركبة وتهدأ الأصوات وتجد الأم نفسها بجوار زوجها وهو بين ايديها لفظ انفاسه الأخيرة .. انها المصيبة مات خالد .. نعم مات وتبدأ الأصوات مرة اخرى من شرطة واسعاف تلملم اجساد الأولاد والبنات ويذهبوا الى مستشفى المرفأ لتقابلهم مصيبة اخرى انها صفية لقد ماتت صفية واصيبت رقية بكسور في قدميها فنقلوها الى مستشفى مدينة زايد وعبدالله هذا الطفل الصغير اصيب بنزيف في المخ وتم نقله بطائرة الاخلاء الطبي الى مستشفى التوام في العين وتقف الأم هي وابنتها شيماء في دوامة المصيبة بين من مات ومن بين الحياة والموت بين رقية وعبدالله وبينهما 300 كيلومتر وتصل الاخبار الى جدة ويطير بسرعة الى هناك معن وطارق وزوجته منى اخت السيدة ليلى ليساندوهم في مصيبتهم وتأتي السيدة ليلى وبرغم كل آلامها تتجلى في دوامة مصيبتها لتتصل بخالتها ام زوجها لتقول لها اصابنا حادث وحالة خالد وصفية خطيرة اذهبي الى جدة لتكوني هناك عندما نصل الى المستشفى وتكوني معنا .. لم تقل لها لانها لا تريد ان تفاجئها بل تفكر كيف تمهد لها فقد وحيدها وهي تحتاج الى من يخفف عنها، وتصل الخالة نايرة وحفيدها محمد الى جدة وهي بين اخواتها واخوانها عرفت بالخبر ولكن قلب الأم كان يعلم ولم تقل الا الحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله ممزوجة بدموع من عينها لكن الدموع كانت كدم ينزف من قلبها وها نحن الآن مساء السبت لقد عاد معن ومعه صندوقان من الخشب احدهما يحمل في داخله ابا لم يتجاوز الخمسين عاماً والآخر ابنة كانت تستعد لاول ايام دراستها الجامعية ونأخذهم الى ذويهم ليلقوا عليهم النظرة الأخيرة والوداع الأخير ونتجه بهم الى مكة لنصلي عليهم الفجر ونعود مرة اخرى الى مقابر المعلاة لندفن خالد بجوار ابنته وهما ليس ببعيدين عن قبر والده العم سامي ويتجلى هذا الابن الشاب محمد بين قبر والده واخته ويتحلى بالصبر رغم مصيبته ولكنه يعلم انه قدر الله ويعلم انها حياة انتهت وانها حياة جديدة بدأت يجب ان يراها بعين الرجل والمسؤول وفي مساء الاثنين تصل شيماء مع اختها رقية ليستمر علاجها في جدة ويبقى هناك طارق وزوجته مع الام وابنها الصغير ينتظرون رحمة الله في شفاء عبدالله وتعود الحياة الى ارواح اماتها الحزن والألم والفاجعة والمصيبة . رحمك الله يا خالد .. رحمك الله يا صفية .. واعادك الله يا عبدالله سالما الى قلوب مزقها الالم قلب ام فقدت وحيدها وقلب امرأة فقدت زوجها وابنتها وقلب محمد وشيماء ورقية وقلوب آخرين نزفت وما زالت تنزف حزناً . اسأل الله ان يلهمكم الصبر والسلوان ويجعلها آخر الأحزان . جوال : 0555340002