كل عام وأنتم بخير بمناسبة الشهر المبارك ..تهنئة أهديها للجميع " قبل الزحمة " وما أدراك ما الزحمة التي تربك شبكات الاتصال الهاتفية وتصيبها بالتلبك من ملايين المكالمات والرسائل في وقت واحد ، وكأنها تمر من عنق زجاجة ..وعموماً مناسبتنا الإسلامية الجميلة فرصة لوصل ما انقطع في زحام الحياة وضغوطها التي تداهمنا بشغلات كثيرة ، إن لم تكن مشاوير ضرورية ، ننشغل بأفكار نقلّبها ذات اليمين وذات الشمال ، فلا تترك فرصة للراحة ولا وقتاً جميلاً يستمتع فيه الإنسان بهدوء البال . وشهر الصوم فرصة لالتقاط الأنفاس من كل هذا التعب ..فأيامه ولياليه كلها خير وبركة في العبادات وفي الوقت وراحة البال وسعة الصدر وخلق الصيام " اللهم إني صائم " ..وفيه يلتئم شمل الأسرة يجمعها الصيام والصلاة والطعام ، ويتواصل الأقارب والأرحام ونتبادل العزائم ويحلو اللقاء بانشراح وشعور جميل يغمر النفس بالسكينة . سبحان الله ..فالشهر الفضيل يحدث في نفس المسلم وعاداته وسلوكياته تغييراً عظيماً ، ويستجيب الجميع لهذا التغيير طائعاً مقبلاً غير مدبر ..وكل واحد يستحضر موجبات الصوم وعبقه الإيماني ويستشعر هذه التجليات بزاد التقوى فيرى كل شيء بنفس مطمئنة وعين ترى الوجود جميلا ، وتنظر للناس بمشاعر إنسانية كلها تعاطف وتراحم ومحبة عكس ما يشوبها بقية العام وسط انشغال وهموم وشحناء وخلافات وصراعات . في الشهر الكريم يتغير كل ذلك ويتبدل بنفحات الإيمان ، وهذا هو سر الطمأنينة ومفتاح السعادة التي تكمن في نفوسنا ، لكننا لا نفتش عنها ولا نراها إلا مع إشراقات رمضان ونحب أن نظهرها في علاقاتنا ومع من نعيش معهم ونتبادل التهاني والدعوات . إنه إحساس تلقائي يغمر نفوسنا ببركة شهر الصوم التي نأبى أن نخدشها بقطيعة أو ضغينة أو نشوه روحانيات الصيام الذي هو عبادة لله اختصها لنفسه سبحانه في شهر القرآن ..شهرالجائزة الربانية وهي رجاء كل صائم " ليلة القدر خير من ألف شهر تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر " . والحديث عن الصيام وأثره في النفس يأخذنا إلى أعمال نحبها وهي الصدقات وإفطار صائمين ، ونحن نسارع إلى هذا الخير نتذكر أعزاءً وأحبة لنا سبقونا إلى الثرى ندعو لهم بالرحمة والمغفرة وأن يتقبلهم الله قبولا حسنا ونتصدق على أرواحهم ونعتمر لنا وعنهم . ما أعظم رحمتك يا رب التي وسعت كل شيء ، وكرمك على عبادك الصائمين القائمين من فرص عظيمة للتوبة ، وأنت سبحانك أقرب إلينا من حبل الوريد فعفوك يسبق عدلك ..ومغفرتك تتفضل بها على عبادك في كل يوم وليلة ، ومن الجمعة إلى الجمعة ..ومن رمضان إلى رمضان . ولكني أود أن أشير إلى نقطة مهمة ، ألا وهي حاجتنا إلى أن نعي جيدا : لمن نتصدق وكيف نتأكد من وجهة الصدقات والتبرعات ؟ فنحن ولله الحمد أهل كرم ولكن البعض يبذل المال دون التحقق من مسار تبرعاته ، وأين تحط رحالها ..هل تصل إلى المستحقين ولفقرائنا حقا والذين لا يسألون الناس إلحافا ..أم نتصرف بحسن نية ونتجاوب مع رسائل مجهولة وشعارات كاذبة ، ويعرض علينا كوبونات تبرع لجهات غير معلوم مكانها ولا أغراضها ..وأظننا نتذكر سنوات مضت كانت صناديق التبرعات على أبواب كل مسجد ، وأناس يعترضوننا في الشارع ليعرضوا علينا فرصا للثواب وعمل الخير بكوبونات " أم خمسة وعشرة ريالات وخمسين " وأنت وكرمك أو حسب قدرتهم على استدرار شعورك الديني ، بينما ما يجمعون من أجله يسيء للدين ويغتال الإنسانية . فلطالما استغفلونا وجمعوا الملايين مستغلين طيبة أهلنا وحبهم للخير ، واختلط الحابل بالنابل في التبرعات آنذاك ، بينما لدينا جمعيات خيرية ذات أهداف عظيمة نعرفها جيداً ونعرف برامجها ، وتحتاج للدعم حتى تعين فقراءنا والأرامل والأيتام ، ومؤسسات خيرية للبر والإغاثة مصرح بها ولجان باسم الشعب السعودي لها رسالة إنسانية عظيمة تجاه أبناء الأمة المنكوبين ..كلهذه القنوات المعروفة قائمة وتحتاج إلى الدعم وتقدم رعاية خيرية وبرامج إفطار صائم بشفافية . لقد انتهى زمن الغفلة ، وعلينا أن ننتبه لمصادر الرسائل الهاتفية والانترنت والكوبونات في بذل تبرعاتنا ، ولا ننساق إلى الاستجابة لمصادر مجهولة دوافعها مشبوهة تقوي شوكة الإرهاب التي انكسرت ولله الحمد بتضحيات رجال الأمن البواسل ، وقد حظرت وزارة الداخلية أكثر من مرة من حيل وخدع أذناب الإرهاب حتى لا تصل تبرعاتنا عن غير قصد إلى رؤوس الإرهاب في الخارج فترتد إلينا سهاما غادرة . إن الخير سيظل موجوداً في مجتمعنا ، ووضع ضوابط للتبرعات لا يعني التضييق على الصدقات وأعمال الخير أو إفطار الصائمين أو تعطيل روح التكافل الإسلامي ، وإنما تحري من نتبرع لهم .وكلعام وأنتم بخير . ** نقطة نظام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اتقوا النار ولو بشق تمرة " sh 98 khalid@gmail .com