بالرغم من التحولات الحضارية والصناعية لاية امة تخضع لقوانين التخطيط والتنسيق والتوافق والتقنين في عملية ايقاعية بقدر الامكان، متجنبة اي تلاطم او تعارض، الا ان هذه القوانين - مهما كانت محكمة - لا تستطيع خلق اية مجموعة انسانية لتكون على مستوى المسؤولية والنزاهة في المجتمع الذي يتطور بالضرورة بحكم وجوده في داخل الاطار الحضاري والصناعي الجديد - وهنا كان لزاما ان يساير صيغ التطور والصناعية صيغاً اخرى للتحول الاجتماعي تحول دون بزوغ الفساد وتسد الطريق امام النفوس نحو الاستغلال والجشع، والحيلولة دون ارتداد الانسان الى التحلل والفتور، وتوقظ ضمير كل فرد ليدرك حقيقة العلاقات بينه وبين الآخرين والله سبحانه وتعالى وللتواصي بالخير والعدل والاحسان ناهية عن الفحشاء والمنكر ومن هنا كانت الضرورة لظهور فئة جديدة من الناس هي غير الطبيب والمهندس والاقتصادي، والسياسي ..الخ . فئة تخاطب الوجدان والضمير بجدليات روحية قبل ان تخاطب العقل والمنطق بجدليات مادية ميكيافيلية .وكانت هذه الفئة - بلاشك هي الادباء حملة الاقلام بشتى مجالاتها والاديب - بحكم ارتباطه بالمجتمع قاعا وقمة، وانتمائه اليه بضرورة تفاعله به ومعه - هو الشخصية الوحيدة التي تمتلك كلمات تخرج من قلمه لتلقى امام عشرات الالوف من القراء، ليحملهم على الاصغاء والتمعن .انه الوحيد الذي يستطيع بعبارة او اخرى موجزة ان يحرك كل النوازع الايجابية في الانسان ليواجه الضمير والاحساس، انه يملك من علو المثل ونقاء الضمير ما يدفع الناس الى ان يتخطوا الغرائز الاولية والنزعة الحيوانية والانانية، والندائد الفردية ..نحو التوازن والمؤاخاة والايثار . والآن ..عندما نمارس جهراً الرذائل التي ينهانا عنها ديننا وعقيدتنا السمحاء ما احوجنا الى ادباء عمالقة في الادراك والفهم ..عندهم الاقتناع والاصالة وصفاء الفطرة ليحركوا الانسانية نحو الاصوب والاصلح والافضل .ما احوجنا الى أولئك الذين يعرفون اهمية المسؤولية الملقاة على عواتقهم لينزلوا الى حلبة المشاركة الحقيقية في المجتمع ويحولوا دون ضياعه في مسارب الفساد بصياغة صيغ جديدة للتحول الاجتماعي تواكب التطور الصناعي والاقتصادي والحضاري الذي نعيش فيه اليوم . ٭ ٭يا وطني : تدك خطاك ضباب القرون وتمشي نهاراً على وجنة الليل والشمس تزرع شريان قلبك، تجيء على ساحة الفقراء كالحلم والنهر ..وتمطر عهداً يحطم جمجمة الجوع .