يغتنم الأسبان، كما هو الحال لدى جيرانهم من الأوروبيين، فرصة الحصول على راتب إضافي خلال فصل الصيف، وراتب آخر مع اقتراب أعياد الميلاد والعام الجديد كحد أدنى للمكافآت لينطلقوا إلى الشواطئ وأماكن السياحة يقضون فيها شهر الاجازة الصيفية بصحبة أهلهم وذويهم، وقد جمعني شاطئ ماربيا بجيراني في الحي بمدريد بترتيب من المشاغبة رشا التي قامت بالاتصال بالمكاتب السياحية عبر الانترنت فحصلت لهم ولوالديها على السكن المريح والاقتصادي القريب من شقتي الصغيرة في ماربيا . كان اللقاء ممتعا، جمع بين جيراني في مدريد وأصدقاء لي من المملكة، وكان الحديث أكثر متعة عندما تناول المجتمعون التحرك السياسي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله خلال سنوات حكمه الأربع، والزيارات الرسمية وغير الرسمية التي قام بها للعديد من البلدان، حاملا تطلعات المملكة لعلاقات أوثق مع جميع دول العالم، ومناديا لحوار بناء يوضح صورة الإسلام لمن غزاهم الفكر المتطرف الرافض لوسطية الاسلام والهادف الى تدمير العلاقات الانسانية بين العالمين الاسلامي والمسيحي .استشهدت والدة رشا بالزيارة التي قام بها ملك المملكة العربية السعودية الى الفاتيكان، واستشهد والد رشا بندوة الحوار التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين، وتحدث الجار أنطونيو عن مشاركة العاهلين السعودي والأسباني في افتتاح ندوة الحوار، ودخلت رشا على الخط لتقول بأن هذه اللفتة الكريمة من ملك المملكة العربية السعودية باختياره مدريد مقرا للحوار قد اعادت لذاكرتها صورة من صور أسبانيا المسلمة حيث تعايش الجميع على الحسنى والمودة، وحيث الدين لله والوطن للجميع وأنه لا إكراه في الدين، وذلك ما مهد الطريق لغالبية الأسبان آنذاك للدخول في دين الإسلام طواعية، أما الجار خوسيه فقد تمنى على العاهلين الأسباني والسعودي أن يستمرا في جهودهما من أجل تضامن المؤمنين بالله والمحبين للسلم والسلام، والعمل معا على إزالة آثار الحقد والكراهية التي زرع بذورها من أثبت التاريخ كراهيتهم للسلم وللإسلام، ودخلت رشا للمرة الثانية على الخط لتحدثنا عن معرض للصور نظمه البيت العربي في مدريد بقصد القاء الضوء على العلاقات العربية الاسبانية خلال المائة سنة الاخيرة متمنية أن يكون هنالك معرض يلقي الضوء مجددا على اسبانيا المسلمة ويبرز بالصور الشخصيات الفكرية والسياسة التي عملت على بناء مجد أسبانيا المسلمة وتخليد علماء كبار من الاسبان برعوا في مختلف مجالات العلوم والفنون وهم يعتنقون ديانات سماوية مختلفة ولكنهم متفقون على أن الله قد كرم بني آدم، وأن على بني آدم أن يتعاملوا فيما بينهم على المحبة والمودة . وفي آخر لقاء جمعنا في ماربيا أبدت والدة رشا دهشتها من تغير وجه ميناء بوريتو بانوس بين ليلة وضحاها، ففي الأمس كما في الأمسيات التي سبقته كان أغلب رواد الميناء من الاسبان والاوروبيين، وكانت حركة المقاهي والمطاعم عادية جدا، أما اليوم فقد ازدحم الميناء بالرواد وغالبيتهم من العرب، ووجدت صعوبة في الحصول على مائدة للعشاء، وعندما تساءلت من العاملين في المطعم عن سر هذا التحول أجابها مدير المطعم بأن عاشق ماربيا وأميرها قد وصل، وأن أحباءه من الأسبان ومن العرب لا يجدون متعتهم في بويرتو بانوس إلا عندما يكون بينهم، يتبادلون معه التحيات، ويشاركهم أحيانا تناول وجبات الطعام في المطاعم التي يقصدونها، وأنه كثيرا ما توقف للسلام على أحدهم والاستفسار عن أحواله، وتساءلت من يا ترى هذا الامير صاحب الابتسامة العذبة والوجه المشرق فأجابها الصديق لطفي بأنه الإنسان المحب الذي لم يكن أنانيا بحبه ففتح الباب لمحبي السياحة والاستجمام من مواطني بلده ومن جيرانهم من الدول الخليجية بمشاركته أجمل أيام الإجازات بالقرب من محبوبته ماربيا التي حباها الله جمال الطبيعة واعتدال الطقس وصبغ أهلها بطيب المعاملة وحسن المعشر، إنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، وأخو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وشقيق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله فقد كانا معا من محبي ماربيا، ولم يتخلفا أبداً عن قضاء اجازة الصيف في هذه الربوع الساحرة . هنا تدخلت رشا للمرة الثالثة لتقول بأنها لمست ما بين السعوديين وأميرهم الأمير سلمان من حب من حرصهم على زيارة الميناء في وقت زيارة سموه للميناء، وتبادلهم معه الحديث دون تكلف، وأنها ستقصد الميناء مساء على أمل تشرفها بالسلام على سموه وأخذ صورة تذكارية معه . وللحديث بقية بعون الله ..