لفت انتباهي إحصائية صدرت عن هيئة حقوق الإنسان ، تاريخها يعود لنحو خمسة أشهر مفادها أن الهيئة ساهمت في حل نحو 1500 قضية ، فيما أوضح رئيسها معالي الأستاذ تركي بن خالد السديري أن ما تم حله لا يتجاوز نسبة 20 ٪30 مما ورد للهيئة من قضايا مختلفة .هذه الإيضاحات وردت خلال مؤتمره الصحفي آنذاك بمناسبة تدشين البوابة الإلكترونية لموقع الهيئة على الشبكة العنكبوتية بالعربية والانجليزية ، وخطوة موفقة ، وإن كان بانتظار مدخلات كثيرة ، خاصة ما يتعلق بالدراسات والأبواب الأخرى التي تسهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان . فتلك الإحصاءات تدل على مدى الاهتمام بوجود الهيئة ، وفي الوقت نفسه على ضرورة نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز ممارستها ، وأقصد " الحقوق والواجبات " ، وإذا عرفها ومارسها كل واحد مواطنا ومقيما ، ستتراجع نسبة طرق أبواب أو هواتف أو موقع الهيئة ، وقد أحسنت صنعا بالفلاشات الهادفة على موقعها لبث الوعي ومنها الحكمة القائلة " ضمان حقك في إعطاء الآخرين حقوقهم " وهذا هو الأساس . وبالمناسبة انحرف مفهوم " حقوق الإنسان " بالخطاب المبتسر المشوه الذي تردده أبواق خارجية فتجيّر أخطاء فردية قليلة أو كثيرة إلى بلادنا وأنظمتها ، وهو ما يجافي الحقيقة والواقع الذي يقول عمليا أن الدولة هي الأسبق في المحافظة على حقوق الإنسان ، وتؤكد على ذلك في الأنظمة وتطورها ، كما أن الهيئة مخولة " حسب نظامها " بحق مراجعة الأنظمة القائمة المتعلقة بذلك ، ومراقبة الجهات الحكومية في تنفيذها وهي تمارس ذلك بمسئولية . وعلى عكس السائد في كثير من دول العالم من ارتباط قضايا حقوق الإنسان بالممارسات الأمنية ، فإننا نجد وزارة الداخلية في المملكة هي الأسرع والأكثر تجاوبا وحرصا على تأكيد حقوق الإنسان من منطلق الحرص على مختلف جوانب العدالة ومعاني الرحمة ، بل قمة الإنسانية في تطويرات عظيمة لنظام السجون وحقوق للسجناء ذوي المحكوميات القضائية لم تبلغها أنظمة الدول الأخرى ، وتتيح لأعضاء الهيئة تفقد السجون وأحوال السجناء ، امتدادا إلى رعاية أسرهم ومساعدة المفرج عنهم وتفعيل دور المجتمع في ذلك من خلال اللجان المعنية والتي أيضا تجد كل الدعم والتجاوب من وزارة الداخلية والاهتمام من أمراء المناطق ، والتبرع من الميسورين . من هنا لابد أن ننتبه كأسرة ومجتمع وقطاعات أعمال لمعنى حقوق الإنسان ومبادئها ، والإشكالية تكمن في الخروج عن نصوص الأنظمة وروحها التي تضمن الحقوق للجميع ..فعندما ينسى الزوجان أن الحقوق في اتجاهين وليست لطرف على حساب الآخر ، وعندما يستمرئ البعض ظلم زوجته يزداد العنف الأسري وتتهدم أسرة وتزداد القضايا ويتأثر المجتمع ..وعندما يتهاون صاحب عمل في حقوق العاملين أو يجور عليها لمصلحة ذاتية أو تضييق ..كل ذلك يضيع الحقوق الإنسانية ويسيء لديننا ثم لصورة بلادنا ولأنظمتها التي راعت الحقوق الأصيلة للإنسان . كلنا نتمنى أن لا توجد قضايا حقوقية ، ولكن كما قال الشاعر في شطر البيت : " ومانيل المطالب بالتمني " ..فهذه المثالية لا وجود لا في كل بلاد الدنيا ، وإلا ما شهد العالم جريمة أو تعدي أو عنف ، وما وجدت شرطة ومحاكم ، وهذه طبيعة المجتمعات البشرية ، ولكن على الأقل تكون تلك المشكلات في الحدود الدنيا التي لا تثقل كاهل الأجهزة الأمنية والمحاكم ومكاتب العمل وحتى هيئة حقوق الإنسان ، لأن كل تلك الجهات تتعامل مع النتائج وليس السبب في حدوثها ولا بيدها منعها ، بل الالتزام والوعي بمبادئ الحقوق هو الأساس المطلوب ترسيخه بالحوار . ما نحتاجه هو ثقافة بنائية فاعلة لحقوق الإنسان في كل اتجاه ، لدى الجهات الحكومية والقطاع الخاص وفي الأسرة ، وحتى بين الجيران الذين قد يتصارعون أو يقتتلون على جدار أو حدود أرض أو ماء ، وهي مشكلات بحجمها الأكبر تقع بين دول وتختلف في أسلوب حلها ، وحتى الدول المتشدقة بحقوق الإنسان والمنظمة الدولية وهيئات حقوقية عالمية تمارس الازدواجية في مسألة حقوق الإنسان وتسيسها " فلسطين مثال صارخ " ، وهذا واقع مفضوح لكنه موضوع له حديث آخر . فالذي يهمنا ونحن بصدده هو تنشئة الأجيال على حقوق الإنسان عبر التعليم ، وفي وسائل الإعلام بالتناول الموضوعي ونشر هذه الثقافة ، ونفهم جيدا أنه لا إصلاح لذلك مائة في المائة ، والصحيح أن نعالج القائم ونؤسس في نفس الوقت الأجيال الجديدة ، ليمارس مجتمعنا مبادئ الحقوق والواجبات وتقوى الله في الوطن ومجتمعنا الكبير والصغير ، ولا نستمع لدعاوى " التسيس " المفروض من الخارج ، لغرض في نفس الغرب يستهدف وطننا ، والله الهادي إلى سواء السبيل . نقطة نظام : « من حقكم علي أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم » « الملك عبد الله بن عبد العزيز » .« ندرك إدراكا كاملا أن الرسالة والنبوة التي انطلقت من مكةالمكرمة والمدينة المنورة كانت نبراسا للإنسان » .« سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز » sh98khalid@gmail .com