تضافر الجهود وتوحيد الطاقات مطلب متحتم، وبخاصة في زمن التخصص والبحث عن التطور والريادة، وتزداد أهميته حينما يكون في الجانب الدعوي، فكم من جهود مباركة ضاعت بسبب قلة العاملين أو ضعف الدعم المادي بل ربما انعدامه.. وكم من طاقات أهدرت بسبب تشتت الجهود.. ولكن حينما تتقارب الأفكار وتتوحد الجهود وتجتمع الفئام وتُترك الأنا يخرج لنا من غياهب البُعد تضحية.. ومن معاني الوفاء تربية.. وبين هذا وذاك يحنو الكبير على الصغير.. ويلبي العضو أوامر رئيسه.. لم تفرق بينهم مناطقية مقيتة أو قبلية جاهلية أو حزبية وثنية، إنما يجمعهم الهم الواحد والعمل لأجل الدين، واستصلاح النشء والجيل من الأفكار المضلة والدعاوى الهدامة حفظاً لهذا البلد مما يشوبه ويضيعه. ثلاثمئة شاب أعمارهم متفاوتة وهم واحد.. من مدينة أبها وخميس مشيطوأحد رفيدة والشعف.. أماكن متباعدة تحسب بعشرات الكيلومترات يتحرك شبابها ذهاباً وإياباً شبه يومياً للإعداد للبرنامج الشبابي الأول بمدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الرياضية بالمحالة، الذي تنظمه أربعة مكاتب تعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأبها وخميس مشيطوأحد رفيدة والشعف، والذي انطلق يوم الأربعاء 21/5/1431ه ويستمر إلى يوم الجمعة 14/6/1431ه كل يوم أربعاء وخميس وجمعة، حيث يستهدف فئة الشباب ويلبي احتياجاتهم من ترفيه مباح وتوعية نافعة وتحديد الوجهة له؛ ليحدد هدفه من الحياة. صحيفة "إيجاز" - الراعية الإلكترونية للملتقى – وقفت شاهدا على هذا الحدث الضخم الذي يعد نوعياً في إخراجه وأهدافه.. من خلال تغطيتها لفعاليات البرنامج.. ورأت الجهود المتواصلة والتكاتف العجيب، فلا ترى إلا ابتسامة هنا، وانسجاماً هناك، وتآلفاً في حركة دؤوب ونشاط لا يعرف الكلل ولا الملل، توزيع للأدوار وعدم تداخل أو تزاوج.. فالكل يعمل والهدف واضح للجميع..! المنطلق القرآني وقد التقت صحيفة "إيجاز" مع بعض القائمين على هذا المشروع الجبار والعمل الضخم.. فهذا الدكتور "عبدالله بن علي أبو عشي" - رئيس مجلس إدارة المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأبها - حينما يسأل عن هذا البرنامج يقول: إن تجمع أربعة مكاتب تعاونية بمنطقة عسير لتقدم البرنامج الشبابي الأول جاء من المنطلق القرآني القويم الذي يحث على التعاون على البر والتقوى، وأن الإنسان قوي بإخوته، ولعل هذا يكون منطلقاً دائماً لنشاطات مستقبلية. ثم إن تفاعل ولاة الأمر – حفظهم الله – وكذلك ذوي الإحسان مع هذه المناشط وبخاصة بين صفوف الشباب والذين يمثلون الأغلبية في نسيج المجتمع السعودي ليقفز بالخطط والأطروحات التي تقدمها المكاتب التعاونية إلى واقع ملموس، فينفذ على أرض الواقع، يحدوه توفيق الله أولاً، ثم جهود مخلصة لكوكبة من الدعاة نذرت وقتها وفكرها وجهدها لخدمة هذا الدين العظيم والحرص على شبابه. الهدف الواحد..! وعند سؤالنا عن كيفية عمل ثلاثمئة شاب على مختلف أعمارهم واختلاف جهاتهم أجاب الأستاذ "علي بن سفر بن فهد المقبل" - المشرف العام على المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأحد رفيدة - بأن العمل الرئيسي لاتحاد العمل أنهم يعملون تحت مظلة الدعوة إلى الله تعالى، وإذا كان الهدف واحدا فلا شك أن الجميع يعملون كمنظومة واحدة؛ مستشعرين ومحتسبين الأجر من الله تعالى، ومن كان الله حسيبه؛ هان عليه التعب. الاحترافية الدعوية..! وردا على سؤال آخر حول كيفية انبثاق فكرة العمل الموحد بين المكاتب الأربعة أجاب الدكتور "سعيد بن هادي" - المدير التنفيذي للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأبها والمشرف العام على البرنامج - قائلا : بدأت فكرة البرنامج الشبابي المشترك بين المكاتب التعاونية في كل من ( أبها – خميس مشيط – أحد رفيدة – الشعف) بعد الانتهاء من "خيمة شباب أبها" خلال العام المنصرم 1430ه؛ وذلك لعدة أسباب، كان منها: 1- العمل التعاوني المشترك وسيلة للاحترافية الدعوية من الجميع. 2- تخفيف العبء المادي والجسدي على المكتب الواحد المنفذ للعمل. 3- إزكاء روح التعاون والمنافسة للمكاتب التعاونية. 4- ضمان عدم وجود ازدواجية للعمل. وأضاف الدكتور "سعيد بن هادي": بعد ذلك عقدت مجموعة من الاجتماعات مع أصحاب الفضيلة مديري المكاتب وأهل الشأن المتخصصين في العمل المشترك؛ كان من نتاجها ترشيح المشرف العام للبرنامج وميزانيته، وتوزيع الأدوار بين اللجان العاملة، بفضل الله ثم بوقفة سمو أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير "فيصل بن خالد" - وفقه الله وسدده - الذي كان عونا لنا - بعد الله تعالى - في الموافقة على هذا البرنامج وغيره من البرامج. وهكذا وقفت "إيجاز" شاهدا على صورة مشرقة لعمل دعوي مبارك، تكاتفت فيها الجهود، وتآلفت عليه القلوب؛ ليؤكد حقيقة مفادها أن العمل الدعوي يزداد نفعا وتأثيرا وتتحقق أهدافه وتقل متاعبه؛ حينما يكون هناك فكر ناقد بنّاء، وآخر مشارك فعّال، بما يعين على استثمار الفرص والاستفادة من الطاقات والقدرات، في سبيل الدعوة إلى الله تعالى.