في سياق أزمة النقاب في فرنسا برز أمس «بطل» جديد اسمه إلياس حباج، كان إلى يمين «المرأة المنتقبة» آن، الفرنسية التي اعتنقت الإسلام، عندما كانت تتحدث إلى الصحافيين يوم الجمعة الماضي لتعلن على الملأ أن الشرطة حررت لها مخالفة سير لسبب واحد أنها كانت تقود سيارتها وهي منتقبة وهو ما تفعله منذ تسع سنوات. وشق إلياس حباج طريقه إلى «النجومية» عندما بعث وزير الداخلية بريس هورتفو برسالة إلى زميله أريك بيسون، وزير الهجرة والهوية الوطنية، يطالبه فيها بالانكباب على حالة إلياس حباج (الذي لم يسمه) ومعرفة مدى إمكانية تجريده من الهوية الفرنسية التي حصل عليها عن طريق الزواج عام 1999 لأنه متعدد الزوجات (أربع زوجات و12 ولدا) ولأنهن يخالفن قوانين الإعانات الاجتماعية. ولم يفت هورتفو القول إن حباج ينتمي إلى جماعة متشددة هي جماعة التبليغ ذات الأصول الباكستانية، ما يجعل سجله أكثر سخونة. وأفادت تقارير صحافية في باريس بأن حباج «يكثر» من زيارة العاصمة البريطانية حيث ينشط إسلاميو جنوب شرقي آسيا وهو ما أثار «ارتياب» الأجهزة الأمنية. وأمس، خرج حباج من صمته بعد أن جاءت التحقيقات الصحافية بمزيد من المعلومات عنه. فالرجل جزائري الأصل، عمره 34 عاما وجاء صغيرا إلى نانت وهو يقيم في ضاحية ريزيه، القريبة من مدينة نانت (غرب فرنسا) التي يملك فيها قصابة (مجزرة) إسلامية. وبعكس تأكيدات وزير الداخلية يقول عارفو حباج إنه ليس «متطرفا» بل إن الرجل يهتم بجمعية ثقافية في الضاحية المذكورة وهو ينشط لبناء مسجد كبير في المدينة التي يبدو أن لديه بعض النفوذ على الهيئات الإسلامية فيها. لكن الأهم من ذلك أن حباج نفى أن يكون متعدد الزوجات. وقال أمس لدى خروجه من مكتب محامي «المنتقبة» إنه إذا كان المرء «يخسر جنسيته لأن لديه عشيقات، فإن الكثير من الفرنسيين سيخسرون جنسيتهم». ويفهم من تصريحات حباج أن لديه عشيقات كثيرات ولكن ليس له سوى امرأة شرعية واحدة. غير أنه لم يحدد ما إذا كانت هي المرأة المنتقبة أم لا. ويبدو أن التحقيق الذي تقوم به الشرطة يؤكد أقواله حيث لم يعثر حتى الأمس على مستندات إدارية تبين أنه أتم إجراءات الزواج المدني الإلزامي في فرنسا غير الذي خوله الحصول على الجنسية الفرنسية. وأعلن المدعي العام في مدينة نانت الذي سيعود إليه الأمر بفتح تحقيق قضائي، أن نزع الجنسية يفترض وجود «جرم» يتيح ذلك. لكنه نفى أن يكون طلب منه فتح تحقيق بهذا الصدد. ويبدو أن المسألة مرشحة للتفاعل أكثر فأكثر، وجاءت في وقت «مناسب» للحكومة ولوزير الداخلية بالذات الذي أفل نجمه في الأشهر الأخيرة بعد أن عاد الرئيس ساركوزي إلى الإمساك مباشرة بالملف الأمني، ما همش دور هورتفو. ويعتبر اليسار بشكل عام أن الحكومة تسعى إلى استغلال موضوع النقاب لصرف الانتباه عن المشكلات الحقيقية التي يعاني منها الفرنسيون، والتي لا تجد لها حلا. وأمس، تابع رئيس الحكومة فرنسوا فيون «مشاوراته» تمهيدا لطرح مشروع قانون على مجلسَي النواب والشيوخ يحرم بموجبه ارتداء النقاب تحريما كاملا على كل الأراضي الفرنسية، فاستقبل وفدا من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بحضور وزيرة العدل ميشيل أليو ماري. وفهم من تصريحات محمد موسوي، رئيس المجلس، أنه لا يعارض سن قانون بهذا الشأن، داعيا المسلمين إلى احترام القوانين الفرنسية. وردا على المخاوف التي عبر عنها موسوي أمام رئيس الحكومة لجهة «استهداف» المسلمين عبر القانون الموعود، أصدرت رئاسة الحكومة بيانا أكدت فيه ضرورة تحاشي «الخلط» و«الأحكام المسبقة» التي تعطي صورة «مغلوطة» عن الإسلام وتظهر كأن كل المسلمين من المتطرفين. واستفاد فيون من المناسبة للتعبير عن «تأثره» وعن «دعمه» للمسلمين بعد تعرض مسجد مدينة إيستر (جنوب البلاد) إلى عملية إطلاق نار نهاية الأسبوع الماضي. وأعرب موسوي عن «دهشته» للصدى الكبير الذي يلقاه موضوع النقاب وشبه الصمت الذي أحاط بالاعتداء على مسجد إيستر، منبها إلى «الآثار السلبية» على الجالية الإسلامية.