- تحدث إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ، فضيلة الشيخ عبدالله البعيجان، عن دوام الاستقامة بعد شهر رمضان موصياً المسلمين بتقوى الله عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ في خطبة الْجُمُعَة التي ألقاها اليوم: في انصرام الأزمان أعظم معتبر، وفي تقلب الأيام أكبر مزدجر، قَالَ تعالى: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، لقد ودعنا قبل أَيَّام قليلة شَهْرَاً كريماً وموسماً عظيماً من مواسم الخير والبركة، كان عامراً بالأرباح والعطايا والهبات والمغفرة والرحمات، حيث كانت المشاعر جياشة والعيون فياضة، والقلوب مُخبتة وجلة، والجوارح نشطة مقبلة، وحلق الذكر ورياض الجنان عامرة بالذكر والقرآن، فقد نزلت السكينة، وغشيت الرحمة، أكرمنا الله بصيام نهاره وقيام ما تيسر من ليله، ووفقنا فيه للكثير من أنواع الطاعات والعبادات والأذكار والدعوات والصدقات، فلله الحمد والمنة، وله الشكر على هذه النعمة. وبين فضيلته، أن للعبادة أثراً في سلوك صاحبها مستشهداً بقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ). وأشار إلى أن من علامات قبول الأَعْمَال تغير الأحوال إلى أحسن حال، وفي المقابل فإن من علامات الحرمان وعدم القبول الانتكاس بعد رمضان وتغير الأحوال إلى الأسوأ، فالمعاصي يجر بعضها بعضاً، فما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها، وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها، ذنب واحد بعد التوبة أقبح من أضعافه قبلها، حَاثّاً فضيلته على التعوذ من تقلب القلوب. ودَعَا الشيخ البعيجان، المسلمين إلى سلوك طرق الخير، ومنها الطاعة والصبر على المداومة، والاستقامة والثبات التي تعد من أعظم القربات، والثبات والاستمرار دليل على الإِخْلَاص والقبول، وأحب الأَعْمَال إلى الله أدومها، وكان عمل رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ديمة. وحذر إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ من الاستهانة بمعصية الله والتجرؤ على حرماته، مؤكداً أنها من أعظم أسْبَاب الإفلاس والخسران والضياع والخذلان، فعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً) قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا. ودَعَا فضيلته إلى الاستقامة على طاعة الله، والاستجابة لأمره في جميع أدوار الحياة للفوز برضا الله تعالى.