من بديع خلق الله تبارك وتعالى أن جعل في هذه النفس غرائز وهي جمع غريزة وهي بمعنى الفطرة التي يولد بها الإنسان وتكون ممتزجه به إمتزاجاً قويًا ظاهراً في سلوكه وتعاملاته القولية أو الفعلية ؛ واعظم هذة الغرائز "غريزة الحياء" فماهو الحياء ؟ وما مكانته ودوره؟ . الحياء: الحشمة، ضد الوقاحة. واصطلاحاً : هو: (انقباض النَّفس مِن شيءٍ وتركه حذرًا عن اللَّوم فيه) والحياء على قسمين مهمين : الأول حياء فطري بمعنى يولد مع الإنسان وهو عطية ربانيه ويظهر هذا النوع في حياء الطفل عندما تنكشف عورته أمام الناس . النوع الثاني : حياء مكتسب أي أنه يكتسبه الإنسان وينميه بحسب دينه ومعرفته بربه تبارك وتعالى وبما يحمله قلبه من خير عظيم . فالحَيَاء فضيلة مِن فضائل الفطرة ، وهو مادَّة الخير والفضيلة، وبهذا وصفه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((الحَيَاء خيرٌ كلُّه)). ومن صور الحياء اربعاً : اولها وهو أعظمها : الحياء من الله سبحانه الذي خلق وأنعم وتفضل . ثانيًا : الحياء من الملائكة الكرام . ثالثاً : الحياء من الناس . رابعاً : الحياء من النفس بأن يعرف قدرها ومراقبتها . وهذا الحياء خاص باصحاب النفوس الشريفة العفيفة الرفيعة التي لا ترضى بالدون من كل أمر بل تتطلع للمعالي حيث مكانها الأصلي ( وهذا أكمل الحياء ) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : (إذا صار الحَيَاء عادة، وتخَلَّق به صاحبه، يكون سببًا يجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذَّات والسَّبب) . ▪️ومن ثمار الحياء العظيمة : 1- أن الحياء والإيمان بالله مرتبطان ارتباطًا وثيقا ( نقصاً وزيادة ). 2- من أعظم ثمار الحياء محبة الله للعبد ( لأن الله سبحانه حيي فيحب من يتصف بصفة يحبها سبحانه ) . 3- أن الإنسان يُقبل على طاعة ربه ويهجر المعصية استحياء منه . 4- الوقار وكمال المروءة فلا يفعل ما ينقصها او يعيب ويذم ولو كان قليلًا . 5- يدفع المرء إلى التَّحلِّي بكلِّ جميل محبوب، والتَّخلِّي عن كلِّ قبيح مكروه . وغيرها الكثير جداً . ومن صور نقص الحياء وخطورته الكبيرة في هدم المبادئ والقيم الإسلامية ما نراه واضحًا جليًا في وسائل التواصل الاجتماعي ( السوشل ميديا ) ففي كل يوم يندى الجبين ويجرح القلب بما يراه من تصرفات تدل دلالة كبيرة على خطورة نزع الحياء وذهابه من اصحابه ؛ فهذه التطبيقات التي يتلقفها الناس ويخوضون فيها على غير جهةٍ ولا هدف غافلين عما هم عليه من خطر عظيم . فمن كان ذا عقل راجح وقلب حيٌ واعٍ يرى ذلك فكم هي التحديات التي تكون كالموجه العارمة التي يركبها الناس فيخرجون منها وقد قل حيائهم !! بل قد يخرجوا وقد قتلوه بدم بارد !! فكم من صور خادشة للحياء نشرت بسبب تحدي ! وكم من أناس لهم مكانة وهيبة كسرت بسبب نقص الحياء التدريجي ! وكم من كبار سن اصبحوا بأيدي ابنائهم سلعة ومادة لمحتوى فاشل ! والعكس كم من براءة اطفال صغار ذهبت بسبب ( مادة لمحتوى مماثل !! ) وقس عليها الكثير الكثير . ولا يخفى ما تعج به تطبيقات السوشل ميديا من مواد تخدش الحياء أو تزيله . وقد ثبت في الأثر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (أوَّل ما يرفع مِن هذه الأمَّة الحياء والأمَانَة، فسلوها الله) . تأملوا هذه الكلمات والتمسوا قلوبكم ما حالها !! إن رجفت وفزعت ! فاحمدوا الله على حياتها ، ولنسارع في العودة الى الله تبارك وتعالى. ولنحفظ انفسنا ومن تحت أيدينا من الأبناء ومن حولنا من الاحبة ولنعرف ان هذه كلها فتنٌ تُعرض على القلوب وكثرتها تُزيغ والعياذ بالله . والواجب الابتعاد عنها والفرار منها فإن السلامة لا يعدلها شي ابدأ . قال الشاعر : إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ حياءَك فاحفظْه عليك فإنَّما يدلُّ على فضلِ الكريمِ حياؤهُ نسأل الله باسمائه وصفاته أن يحفظ علينا الحياء والعفاف وأن يبعدنا عن سيىء الأخلاق.