✒ إن الكون كله دالٌ على دقة صنعه سبحانه وتعالى وعلى عظيم خلقه وحكمته في شرعه وفي تسيير هذا الكون العظيم بما فيه ، يخلق ربي تبارك وتعالى فيختار ويصطفي ممن يشاء من مخلوقاته فيجعل لها ميزة عن البقية ويخصها بامور تجعل الكون كله يشهد على الوهيته سبحانه ، فقد خلق الله الارض وجعلها مترامية الاطراف وانزل فيها من الخيرات الكثيره لكنه اختص بقعة منها وخصها بامر عظيم جداً وهيئها لهدف اعظم واسمى وهو عبادته سبحانه وتعالى . فكانت هذه البقعة محل عبادة من أول خلق الارض الى قيام الساعة ، ومن يتامل في حال تلك الارض المباركة كيف كانت صحراء مجدبة وكما قال تعالى على لسان خليله ( بوادي غير ذي زرع ) لكم ان تتخيلوا وادي لا ماء فيه و حياة لكنه اصبح فيما بعد حياة للامة اجمع واخرج ماء مباركاً دالاً على تدبير الحكيم العليم سبحانه يخرج الضد من الضد برهاناً ساطعاً لا شك فيه ولا مرية ( تبارك الله احسن الخالقين ) لابد انكم عرفتم ماهذه الارض المباركة ! انها بيت الله الحرام وكعبته الشريفة ، التي اصطفاها لعبادته واصطفى لها من انبيائه من يقوم ببنائها والاشراف عليها ، و لنبحر الان ونجعل القلوب تطوف حولها قبل العقول فتزداد هيبةً واجلالا لها . هي ارض الله المباركة وموضع بيته الحرام الذي ضمن له الامن والأمان الى قيام الساعة فمن دخله لم يُراع ولم يخشى على نفسه واهله وماله بل تعدى الامر الى باقي المخلوقات والجمادات ( من حيوان وطير ونبات ) هي ارض طيبة مباركة يثمر فيها زرع الحسنات اضعاف مضاعفة واسوق لكم بشارة اُقرب بها المعنى قال أبو بكر النقاش رحمه الله : " حسبت الصلاة بالمسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة , وصلاة يوم وليلة في المسجد الحرام وهي خمس صلوات عمر مائتي سنة وسبعين سنة وسبعة أشهر وعشر ليال " . سبحان الرب الشكور !! صلاة واحدة !! فرضاً كانت ام نفلاً هذه ثمرتها فهل يزهد فيها عاقل ؟!! هذه النعمة تجعل الرجاء بالله يعظم اكثر واكثر وكأن العين تراه يقيناً ، ويقابلها جانب اخر يغفل عنه الكثير من الناس ، وهو من خصائص هذا البيت الحرام الا وهو ( الالحاد في الحرم ) فما معنى الالحاد ؟ وما هو ؟!! الالحاد هو الميل عن الحق ،، وهو اقتراف المعصية والذنب في هذا البيت الحرام وحدوده التي وضعها الله تبارك وتعالى وجعلها باقية شاهدة لخالقها سبحانه ، وهنا يجب ان نقف وقفة نوقظ فيها كل غافل ونذكر بها كل مسلم رزقه الله وامتن عليه بأن يكون من اهل مكة وممن يسير على ارضها ولو لاوقات قليله ، فإنه يجب ان يُعظم هذه الارض وان يستخرج من قلبه ووجدانه عبودية التعظيم والاجلال ويستحضر ذلك في صغير افعاله وكبيرها بل وحتى اقواله ، بل وحتى خلجات قلبه وما انطوى عليه !! وقد ذكر العلماء أن الإنسان إذا هم بفعل معصية في الحرم ، أو حدث نفسه بارتكابها ؛ فإنه يؤاخذ عليها ؛ حتى وإن كان أوقع هذا الهم في نفسه ، وهو خارج الحرم ، قال تعالى : "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" . قال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسيرها : ( لو أن رجلا هم فيه بإلحاد ، وهو بعدن أبين ؛ لأذاقه الله عز وجل عذابا أليما ) . ومما تجدر الإشارة إليه : أن يحذر الساكن بمكة أن يأخذ به سكناها إلى ضعف استشعار حرمة البلد الحرام ، فيأنس الى الالحاد فيه ، وهنا تحذير من ضعف استشعار الحُرمة وتأليف المعاصي والذنوب لطول البقاء في داخل حد الحرم . فالواجب علينا تربية انفسنا ومن حولنا وتجديد مكانة بيت الله الحرام واستشعار حرمته وتعظيمه ونحن الان في فرصة عظيمة في تجديد هذه الاداب والعبادات العظيمة في ظل هذه الجائحة التي حرمنا بسببها من بيت الله الحرام لفترة كانت عصيبة جداً كادت تنفطر لها القلوب ، الحُبُ يطغى والحنينُ عظيمُ وهواك َ في كل القلوب مقيمُ فيا اهل مكة يا من انعم الله عليكم بسكانها او مجاورتها الله الله في هذه هذا البيت الحرام ، الله الله في تعظيمه واجلاله ، الله الله في خدمته والاقبال عليه والشوق له ، وليكن لنا عظة وعبرة من اقوامٌ سبقونا . لنكون جميعاً جيلٌ مُعظِّم لبيته الحرام .