دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان، فيه الجواب الكافي، والدواء الشافي لكل ما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم، قال تعالى (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)، وقال أبو ذر رضي الله عنه «لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يُقلِّب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما»، وقال رجل من المشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه: هل علمكم نبيكم كل شيء، حتى الخراءة -آداب قضاء الحاجة- قال: «نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول.. الحديث». وإذا كانت الشريعة بينت كل شيء حتى آداب قضاء الحاجة، فبيانها لأمور الجماعة والبيعة والإمامة والولاية، وما يتعلق بأمن الناس، وحفظ دمائهم، من باب أولى، ومن توفيق الله تعالى لهذه البلاد السعودية أن كان الكتاب والسنة هما دستور الدولة، والحاكمان على جميع أنظمة الدولة، ولهما الصدارة في مقررات التعليم، ومما نص عليه النظام الأساسي للحكم في مادته الثالثة والعشرين ما يلي؛ (تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله). فلما حمت الدولة عقيدة الإسلام، حماها الله تعالى ونصرها، جزاء وفاقا، كما قال تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم)، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (احفظ الله يحفظك)، فمن حفظ العقيدة الصحيحة، ودعا إليها، حفظه الله ونصره، وخذل عدوه، وقد رأينا خذلان الله لأعداء هذه البلاد السعودية، فكان تدبيرهم تدميرا عليهم، لأن من حكمة الله أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، وأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ومن إفسادهم دعوتهم الناس في السعودية إلى الخروج على ولي الأمر، والتمرد والعصيان، فيما أسموه حراك 15 سبتمبر، لكن شعب المملكة العربية السعودية الوفي الذي رضع العقيدة الصحيحة مع لبن أمهاتهم، ودرس المقررات الشرعية في المدارس والجامعات، والتي تأمر بالسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا، وتُحرِّم الخروج على ولي الأمر، بأي وسيلة من وسائل الخروج، هذا الشعب ضرب بقول أعداء الدين والوطن عرض الحائط، فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، والحمد لله رب العالمين، بل عاقبهم الشعب بنقيض مرادهم، فصدح خطباء الجوامع في جميع مناطق المملكة -جزاهم الله خيرا - بالتذكير بهذا الأصل العظيم، وهو: السمع والطاعة، وعدم الخروج على ولي الأمر، وهكذا الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها أسفرت بالكتابات النافعة في هذا الشأن، ومن سَفَهِ دعاة الثورات والمظاهرات والفتن، أنهم يُشاقون الله ورسوله، ويريدون أن يُقدَّم كلامهم على كلام الله ورسوله. فالله تعالى يقول (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول من يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) رواه مسلم، ويقول: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية)، وقال: (خيار أئمتكم: الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم: الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة) رواه مسلم، هذا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. بينما كلام دعاة الفتن والمظاهرات نقيض ذلك تماما، ولذلك خابوا وخسروا في دعواهم، ولم يلتفت لهم أحد، وهذا في نظري من بركة العقيدة الصحيحة، وتدريسها، ولهذا فإن الدعوة للثورات تلقى آذانا صاغية في كثير من الدول، بينما لا قبول لها في بلادنا، ومن أبرز أسباب ذلك التمسك بالعقيدة الصحيحة، ولهذا يسعى الأعداء إلى تهوينها في النفوس، والتشكيك في مناهجنا ومقرراتنا الشرعية، لكنهم مخذولون إن شاء الله، ولاريب أن وقوف الشعب بكامله مع الدولة عن عقيدة يرجو ثوابها عند الله، أقوى رد على من يشكك بمناهجنا الشرعية ومُخرجاتها، وأما وقوع أشخاص في جماعات الغلو فهو بسبب مناهج حزبية وافدة، وليس بسبب مناهجنا التي خرجت هذا الشعب السعودي الوفي، فمن الظلم اتهام مقرراتنا الشرعية، وها نحن نرى ثمرات دراستها والعمل بها في لزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين في بلادنا السعودية، وعدم الالتفات إلى دعوات أهل البدع والأهواء، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.