تابعت مع غيري تصريحات سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بشأن توجه الوزارة للسماح للمعلمات بتدريس الطلاب في الصفوف الأولية في فصول منفصلة عن الطالبات في نفس المرحلة والمبرر الذي أورده سموه «أن المعلمة أكثر تفهما وقربا من الطفل في هذه المرحلة»، وليعذرني سموه بأن هذا المبرر وحده غير كاف ليجعل وزارة التربية والتعليم تأخذ بهذا التوجه ولست أدري إذا ما كانت هناك دراسات تمت الاستفادة منها في هذا الشأن أم لا؟ أم أن القرار يدعمه الانطباع عن تجربة بعض المدارس الأهلية ليس أكثر بالرغم من أن التجربة لم تقم ولم تدرس وقبل الشروع في تفصيلات الموضوع أذكر بما نصت عليه المادة 155 في السياسة العامة للتعليم ما نصه «يمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال» وحقيقة هناك أمور عديدة لست أدري هل أخذت في الحسبان قبل الحديث عن توجه الوزارة نحو تطبيق الفكرة مثلا: - وضع المباني المدرسية هل هي جاهزة ومعدة لاستقبال الطلاب في فصول منفصلة وكثير من المدارس تعاني القدم والضيق والاكتظاظ؟ - هل أخذت ظروف أولياء الأمور مع مشقة المواصلات لأولادهم؟ - هل طرحت استبانة على المجتمع لاستقصاء آراء أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات قبل الحديث عن موضوع تدريس المعلمات للطلاب؟ - هل سيكون الانفصال في داخل الفصول الدراسية والدمج بين الطلاب والطالبات في الأفنية مع عدم إغفال موضوع «حال المباني المدرسية الحالي»؟ - ما مصير خريجي الكليات التربوية وأصحاب التخصصات من المعلمين الموجهين للتدريس في المرحلة الابتدائية؟ - ما فائدة الحديث عن التوجه نحو إنشاء أقسام في الجامعات للتخصص في تدريس الصفوف الأولية؟ - ما الأثر الذي سيبقى مستقبلا في عقول طلاب الصفوف الأولية وذاكرتهم وهم يتجهون نحو مدارس البنات؟ - في الشريعة يبقى الطفل في حضانة والدته حتى سن السابعة ثم يعود إلى مخالطة جنسه في المسجد والمجلس. - هل تم الاطلاع على نتائج التجربة في كثير من الدول التي رأت أن سلبياتها أكثر بكثير من إيجابياتها وتراجعت عن استكمالها. - ميل الطفل في هذه السن إلى التقليد وقد يرى على معلماته ما يميز سمات الأنثى وهناك دراسات تربوية تشير إلى أن الأطفال الذكور الذين تبدو عليهم «الميوعة» أو بمعنى أدق فقدوا سمات جنسهم هذا لأنهم عاشوا مع بنات وقد يتأثرون بطباع المعلمات من خلال معايشتهم اليومية لهن. - شكوك في قدرة المرأة على السيطرة على مجموعة من الأطفال الذكور يتسمون بالحركة والمشاغبة ويختلفون عن طبيعة البنات هذا إذا ما افترضنا أن المعلمات لسن كلهن أمهات بالشرط. - ماذا عن وضع الطلاب الذين قد يرسبون لعدة أعوام ويكبرون أقرانهم بأعوام وهناك من تبدو عليه سمات البلوغ مبكرا؟ - ماذا عن طلاب الاحتياجات الخاصة في الصفوف الأولية فقد لا يكون أخذ وضعهم النفسي والتعليمي موقعه الحساس مع تطبيق الدمج؟ كنا نتمنى ولا نزال أن يكون التوجه من الوزارة نحو تطوير بيئات التعليم والرفع من مستوى قدرات المعلمين ومهاراتهم والاعتناء بالمناهج الدراسية وما يمكن أن تحققه من تعليم نوعي يقوم على التفكير والإبداع والحوار والابتكار ورفع مستوى القدرات المدرسية والقيادات الإشرافية من أجل النهوض بالعملية التعليمية ودمج التقنية في التعلم قبل أن نتعب أنفسنا في فكرة أن تقوم المعلمات بتدريس الطلاب أنا لن أتناول الموضوع هنا من منظوره الديني فقد لا يكون هناك سبب مباشر يحرم الفكرة ورأي العلماء قد يلقي الضوء على ما قد يفضي إليه الأمر من شبهات محرمة بصورة غير مباشرة ولكني حاولت تناول الموضوع من جانب اجتماعي وتربوي ووظيفي فلا يمكن أن أغفل أثر الإعلام على سلوك الطلاب والطالبات وما قد تفرزه التجربة مستقبلا وليس صحيحا أن كل امرأة قادرة على التعامل مع الصغار بصبر وليس صحيحا أن المعلمين لا يحسنون التعامل أو أنهم قساة مع الصغار ومن يعمل في التعليم سيقف على مواقف إنسانية غاية في الرقة والعطف واللين والرحمة وقصص أبطالها معلمون تجاه طلابهم كما أن أمرا مثل هذا لا يمكن فيه تجاهل ثقافة المجتمع وسماته الدينية أو مقارنته ببلدان أخرى لخصائصه ومكانته ولا يمكن القفز فوق حاجز الدراسات التي أثبتت سلبيات التجربة، يجب أن نأخذ كل هذه الأمور في الحسبان ولا تجرفنا العاطفة نحو مجاراة الآخر ولدينا البديل المناسب لنا دينيا واجتماعيا.. حفظ الله بلادنا من كل سوء وأدام عز ولاة أمرنا. محمد إبراهيم فايع [email protected]