يقول : دعه يحلم فالأحلام بالمجان .. ! قال : كنت أحلم : أن أصحو من نومي منزعجا على صوت منبه \" باص \" المدرسة ، وقد جاء مبكرا لاصطحاب أبني إلى المدرسة الابتدائية ، لإنهاء إجراءات تسجيله هناك ، فقد أظهرت دائرة المعلومات العامة في وطني للمدرسة القريبة من منزلي أن أبني قد بلغ السادسة من عمره ، أو أقترب من بلوغها . ولو لم يذهب أبني إلى المدرسة في ذلك اليوم لكلفني نومي مبلغا من المال غرامة وجزاء لتقاعسي عن مساعدة الوطن في الاستثمار في عقول أبنائه . فإذا بي أصحو من نومي مبكرا للبحث عن \" واسطة \" له صلة قرابة أو مصلحة بمدير المدرسة لقبول أبني لعله يتعلم نطق وكتابة الحروف الهجائية .. ألفٌ .. باءٌ .. تاءٌ ! وإذا بي أدفع \" للبرماوي \" المؤذن والإمام البديل أو المستعار لمسجد الحي رقم ( 12 ) ! مبلغا شهريا لحشره مع أبناء الجيران في سيارته ( المقربعة ) ذهابا وإيابا إلى المدرسة ! .... وكنت أحلم ! كنت أحلم : أن أصحو من نومي في الصباح الباكر منزعجا على صوت قرع جرس منزلي ، فلما خرجت لاستطلاع الأمر وجدت رجلا كريم المحيّا ، يقدم لي وهو ( مبتسما ) ورقة رسمية ، تفيد بانتهاء الفنيين من إيصال التيار الكهربائي لمنزلي الذي لم تنته أعمال البناء فيه بعد ، وتتضمن معلومات الإبلاغ والاتصال عند حدوث أي طارئ لا قدر الله ، على أن الأهم هو خلوها من ذلك الإشعار الأحمر بفصل التيار الكهربائي أن لم أقم بتسديد الفاتورة في الوقت المحدد !.. تناولتها ، فقدم لي واحدة أخرى تفيد بانتهاء دائرة الإطفاء \" الدفاع المدني \" من تنفيذ وتركيب أدوات السلامة .. ! تناولتها ، فقدم لي ثالثة تفيد بانتهاء العمل من إيصال أنبوب المياه المحلاة إلى منزلي وتدفق المياه فيه قبل أن أسكن َ! فشكرت الله أولا ثم شكرت الرجل \" بالثلاث \" ! فإذا بي ( أضرب الجدار برأسي ) لأن منزلي الجديد الذي باعني أرضه ( مالك المليون متر مربع ) من أرض الوطن بوثيقة بيع ، واستدنت تكاليف بناءه على حساب مستقبل أبنائي لا يسقط موقعه على صور السيد قوقل إيرث الفضائية ! فلا كهرباء ,, ! ولا ماء إلا أن أقف في الطابور حاملا الهوية الوطنية انتظر موظف \" مصلحة المياه \" يفرغ من تعبئة أنموذج نقل الماء بواسطة صهريجا صدئا ! .. أما السلامة فمن الله كما يقول أبي \" ! .... وكنت أحلم ! كنت أحلم : أن أصحو من نومي مبكرا على صوت قرع جرس منزلي المزعج ، فلما خرجت لاستطلاع الأمر وجدت رجلا كريم المحياّ يقدم لي وهو ( مبتسما ) خطاب إدارة الشؤون الصحية بمحافطتي يفيد بأن دائرة المعلومات العامة في وطني أظهرت لهم أن والدي المتقدم في السن مصاب بمرض يتوجب نقله بسرعة إلى مستشفى متخصص لعلاجه والعناية به .. فقلت في نفسي بعد أن شكرت الله ثم ذلك الرجل : يا الله .. حتى المواطن المتقدم في السن .. ! فجاء الرد ( في نفسي ) لم العجب .. ؟ ألم يكن قد خدم وطنه طوال حياته .. ألم يقم بما يسميه علماء الاجتماع \" الدور الاجتماعي \" حتى لو قام بذلك الدور في رعي الغنم ؟! .. حقا لما العجب .. !! فإذا بي أتقدم ( بمعروضي ) أرجو فيه علاج أبي إلى أن توفاه الله برحمته .. ! .... وكنت أحلم ! كنت أحلم : أن تهرع سيارات الإسعاف إلى كل حادث مرور لنقل المصابين خلال ثوان معدودة من وقوعه بسبب استخدام تقنية المسح الفضائي المستمر للطرق - لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضحايا حرب \" الطرق في وطني \" بدلا من استخدام تلك التقنية لمنع إيصال التيار الكهربائي للمواطن - . ونقل من تتطلب حالته بواسطة طائرة ( الإخلاء طبي ) إلى المستشفى المتخصص .. ! فإذ بالمارة هم من ينقل المصابين في سياراتهم الخاصة بطرقة خاطئة ، تزيد من خطورة إصابتهم ، بسبب تأخر سيارة الإسعاف ، الوحيدة والمهترئة ، ساعات – دون مبالغة - وليس دقائق .. ! وإذا بذوي كل مصاب ، إصابة خطرة ، يرسلون ( البرقيات ) تلوى ( البرقيات ) لمقام الأمراء يتوسلون فيها نقل مريضهم من مقبرة وزارة الصحة ( المستشفى العام ) إلى أي مستشفى متخصص ! باختصار .. كنت أحلم بوطن بلا تلوث بيئي ! .. وطن بلا غش تجاري ! .. وطن بلا أوبئة ! .. وطن بلا احتكار تجاري أو فكري ! .. وطن بلا ( حفر ) في الشوارع ! .. وطن تتوافر فيه كل المعلومات والإحصائيات والبحوث ، للعمل .. للإنتاج .. للعصر وللواقع المعاصر ..! فإذا بي أحلم !! .... وكنت أحلم .. أحلام مجانية .. !!