قال عضو مجلس الشورى إبراهيم البليهي إن فاعلية مجلس الشورى كجهاز ضخم مليء بالكفاءات ليست في الاتجاه الصحيح، معتبراً أنه مرتبك الهوية، ويمارس عمله من الناحية الشكلية بوصفه برلماناً وهذا يتعارض مع اسمه «كمجلس شورى». وأكد أنه لاحظ ذلك في الشهور الأولى من انضمامه إلى المجلس قبل أكثر من سبع سنوات. حيث تبين له أن المجلس رغم النشاط الكبير الذي يبذله، ورغم كثرة الجلسات، وتعدد اللجان وشدة الانضباط ورغم أنه يضم مائة وخمسين عضواً هم في الغالب من أرفع الكفاءات تأهيلاً وخبرة وإخلاصاً ومعهم جهاز إداري ضخم، وهي مقومات كافية لأن تجعل هذا الجهاز قادراً أن يُسهم إسهاماً أساسيا في خدمة الوطن والمجتمع وتقديم المشورة الناضجة للقيادة في القضايا الكبرى في كل مجالات التنمية، لا يسير في الاتجاه الصحيح. وقال لتحقيق الفاعلية التي أراها، قدَّمتُ مقترحات مفصَّلة كان بالإمكان أن تفتح النقاش لاختيار أنجع السبل من أجل استثمار هذه الكفاءات العالية والمتنوعة للارتقاء بأداءات التنمية وحل معضلاتها الكبرى،فالحاجة ملحة لكن المقترحات لم تنل الاهتمام الذي كنتُ أتوقعه وكررت تقديمها عدة مرات ولكنها إلى نفس المصير. وأكد أنه يتفق مع التقرير الذي نشرته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الذي صدر مؤخراً وتناول من ضمن توصياته وملاحظاته مجلس الشورى ودوره التشريعي والرقابي، والذي أشار إلى ضعف الدور الرقابي للمجلس وأرجعه التقرير إلى محدودية الصلاحيات المخولة له بموجب نظامه، وكذلك آلية تشكيل المجلس المتمثلة في تعيين الأعضاء ما يحد من دورهم الرقابي والمساحة التي يستطيعون التحرك فيها. فضلاً عن ضعف الشفافية في مناقشة مشاريع الأنظمة الجديدة أو التعديلات على أنظمة قائمة، ومطالبة المجلس بإعلان مسودات الأنظمة الجديدة أو المعدلة وإتاحة الفرصة لأعضاء المجلس والرأي العام للمشاركة في إبداء الرأي، واتاحة الوقت الكافي لهم لتمرير أو إنجاز بعض مشاريع الأنظمة وتمحيصها. وقال البليهي اتفق مع الجمعية في ضرورة تقييم عمل المجلس لرفع مستوى أدائه أو تصحيح مساره إن تبين أنه ليس في المسار الذي يحتاجه الوطن. وأضاف قائلاً لكنني أختلف مع الجمعية في الأسباب التي عَزَتْ إليها ضعف النتائج التي حققها المجلس خلال عشرين عاماً، وهي مدة طويلة جداً قياساً بتسارع حركة العصر ومتطلباته الملحة، حيث إن المجلس بإمكاناته الحالية العظيمة يمكن أن يؤدي للوطن إسهامات كبرى ومتنوعة وملحة في كل مجالات التنمية، لكنه منشغل بما هو أقل إلحاحاً وأهمية، وقد كان بإمكانه أن يقدم تجربة فريدة في العالم العربي والإسلامي كجهاز استشاري فاعل ومنتج ومؤثر في مسيرة التنمية، ولكن هذه الغاية العظيمة تستوجب أن يغيِّر المجلس مجالات اهتمامه وأسلوب عمله من أجل استثمار الكفاءات العالية والمتنوعة المتوفرة لديه فيستفيد من كل عضو في مجال اختصاصه وخبرته واهتمامه ليستفيد من أعضائه وهم مميزون كأفراد وكمجموعات حسب اهتماماتهم ومجالات براعاتهم وتخصصاتهم. وأضاف أن المملكة بحاجة إلى جهاز متفرغ بحجم المجلس وكفاءاته يتعرف على كل تجارب التنمية في العالم وحلول مشكلاتها ثم يتقدم بتقارير وتوصيات وخطط واستراتيجيات لتطوير الوطن والمجتمع والمؤسسات والأداء في كل مجالات التنمية والطاقة والبدائل عن البترول حين ينضب والإنفاق والصحة والصناعة والتعليم والإدارة وكل ما يحتاجه الوطن ويتطلع إليه في حاضره ومستقبله. وبيّن أن مجلس الشورى حسب اسمه يُفْتَرَض أن يكون الجهاز الاستشاري العام للتنمية، فيقدم المشورة في قضايا التنمية الكبرى بدلاً من الانشغال بقراءة تقارير الأجهزة الحكومية أو بإعادة إنتاج أنظمة جاهزة أو حتى اقتراح أنظمة جديدة وهذا نادر. وأشار إلى أن صياغة الأنظمة هي من مهام رجال القانون وأهل الخبرة أما أعضاء المجلس بكفاءاتهم العالية المتنوعة البعيدة غالباً عن القانون فيجب أن تكون مهمتهم أكبر من ذلك فهم من كل التخصصات، أطباء ومهندسين وباحثين ورجال تربية وإداريين واقتصاديين وأساتذة جامعات من تخصصات دقيقة متنوعة، ولو أن المجلس انشغل بقضايا التنمية الكبرى لأسهم إسهاماً كبيراً في تقديم الحلول لجميع مشكلات التنمية في كل المجالات. وقال لو حصل ذلك لكانت المملكة أول دولة في العالم العربي والإسلامي تبتكر مثل هذه التجربة الضرورية للتنمية.