نجح علماء من أميركا في جعل موجات المخ مسموعة حيث حللوا نشاط المخ في منطقة معينة به أثناء استماع المشاركين في التجارب لأصوات. ثم أدخل الباحثون البيانات التي حصلوا عليها في نموذج حاسوبي، وعندما غذى الباحثون الحاسوب ببيانات عن موجات المخ استطاعوا على سبيل البداية إعادة تركيب كلمات سمعها الأشخاص الذين خضعوا للتجارب. ونشر فريق العلماء المكون من جراحين في المخ والأعصاب تحت إشراف بريان بيسلي من جامعة كالفورنيا في مدينة بركلي نتائج دراستهم على الموقع الإليكتروني لمجلة بلوس بايولوجي الاميركية. ويأمل الباحثون أن يستطيعوا مستقبلاً تحليل الكلمات أو الجمل التي ترد بخاطر صاحبها وذلك لمساعدة المرضى الذين أصبحوا غير قادرين على النطق بسبب إصابتهم بجلطة على سبيل المثال. وأجريت الدراسة على مرضى خضعوا لجراحات في المخ بسبب إصابتهم بنوبات صرع أو بورم في المخ. ويتم قبل مثل هذه الجراحات وضع شبكة من الأقطاب الكهربية فوق المخ مباشرة لمعرفة المكان المتسبب في حدوث نوبات التقلص في المخ وبالتالي المكان الذي يجب أن يخضع للجراحة. وقال بيسلي في تسريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) اليوم إن هذه الشبكة توضع للمرضى قبل الجراحة بعدة أيام. وأحيانا كانت الكلمات تسجل ثم تعرض على المرضى، وكان عشرة مرضى يستمعون لكلمات منفصلة في حين استمع خمسة آخرون لجمل نطقها رجال ونساء. وقاس العلماء موجات المخ عبر منطقة في قشرة المخ والتي تلعب دورا هاما في السماع. واستطاع فريق بريسلي إعادة تركيب الكلمات التي استمعها المرضى بنسبة نجاح 20 إلى 30 في المئة ونجحوا في تكوين صور تعكس رنين كل كلمة بشكل مميز وتشبه الكلمات الأصلية بشكل يجعل العلماء قادرين على التعرف على الكلمات بشكل صحيح مرات أكثر مما تسمح به الصدفة، وكلما زاد عدد الأقطاب الكهربائية الموضوعة على المخ كلما كانت النتيجة أفضل. ويرى يوناس أوليسر من معهد ماكس بلانك الألماني لعلوم الإدراك والأعصاب في لايبتسيغ إن هذه الدراسة فريدة من نوعها فالفريق العلمي يريد الكشف عن شفرة اللغة المنطوقة وكيفية عملها، ولكن لا تزال هناك خطوة كبيرة وربما تكون حاسمة ألا وهي الكشف عما إذا كان الشيء نفسه يحدث في المخ عندما أنطق كلمة جاز (موسيقى الجاز) أو أفكر فيها فقط وهو ما أشار إليه بيسلي وزملاؤه أيضاً في تعليقهم على الدراسة. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت إشارات المخ لدى الإدراك هي نفسها الخاصة بالقوة على التصور. غير أن هناك دلائل على ذلك حسب بيسلي وأنه إذا فهم السياق جيدا فإنه من الممكن تكوين نبرات من إشارات المخ عندما يفكر صاحب المخ أو تسجيل هذه الكلمات من الجهاز. ويرى العالم الألماني كريستوف شراينر، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أن هذه الدراسة مهمة لأنه من الممكن تتبع الصفات السماعية للإشارات اللغوية حتى المحطات الأولى من قشرة المخ غير أن شراينر الذي يعمل في أميركا منذ ثلاثين عاما يؤكد أن الإشارات السمعية لا تكون الفهم اللغوي وحدها فعندما يقول ثلاثة أشخاص مخهاتف كلمة تفاحة فإن المخ لا يستقبل نفس الإشارات السمعية لأن موجات الأصوات مختلفة على سبيل المثال ولكن المخ يفكر ويتوصل إلى أنه على الرغم من اختلاف الإشارة إلا أن المراد من هذه الكلمات واحد. ويعني ذلك حسب شراينر أنه في مكان ما من المخ تحصل الإشارات السمعية على أهمية ولكننا لا نعرف كيف يحدث ذلك على وجه الدقة وأين تتم عملية تحويل الإشارات إلى معنى.