إذا كانت شعوب الربيع العربي خرجت للشوارع للمطالبة بحقوقها و"حصل ما حصل" من إسقاط أنظمة وسفك دماء وهدم وتخريب وفوضى ليس لها مثيل.. فإن الشعب السعودي اختار "ساحة تويتر" الواسعة للتعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه.. فتوافدت تغريداتهم واعتصمت "هشتاقاتهم" واجتمعت قلوبهم، واتفقت آراؤهم، وظل في الواجهة حتى هذه اللحظة هاشتاق "# الراتب_ ما_يكفي_الحاجة" الذي ينافس لتحقيق لقب أكبر هاشتاق متداول في العالم، ويكاد يفوق عدد تغريداته مانزل بساحة "رابعة العدوية" و"ميدان التحرير"بالقاهرة، ومع ذلك يخرج أحدهم ليقول لهؤلاء أن "هاشتاقكم واجهة فتنة" وكأنه يقول: من أنتم؟! بينما يخيّم الصمت على الحكومة. لقد سلّم الشعب أن الخروج للشارع فتنة ودماء وفوضى، وأخذ درساً من الربيع العربي الذي "لم ينجح"، لكن ذلك لا يعني تجاهله حينما خرج إلى "ساحة تويتر" يطالب بحقوقه بطريقة حضارية وراقية.. إن المواطن السعودي وبعد هذه الثورة الاتصالية الهائلة لم يعد يمثله الإعلام التقليدي، بل أصبح يمثل نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تويتر.. فنجده هناك على مدار الساعة يأخذ منها الأخبار، وينشر فيها قضاياه، ويطلق على صفحاتها آراءه.. يقول تقرير شركة "GlobalWebIndex"، إن السعودية تحتل المركز الثاني كأسرع الدول نمواً في العالم على موقع تويتر، وبحسب التقرير وصلت نسبة الزيادة في عدد الحسابات السعودية على تويتر لحوالي 42%، ويصل عدد من يملكون حسابات أكثر من 3 ملايين مستخدم، في حين يوجد على موقع فيسبوك 6 ملايين مستخدم ممن يقيمون في السعودية، كما يعد السعوديون من أكثر مشاهدي موقع "اليوتيوب".. هذا العدد الضخم من المواطنين ألا يستحق من يتابعه عن كثب، يتلمس أوجاعه، ويتفاعل مع قضاياه، بلى.. فإذا كان النظام قد ألزم جميع الأجهزة الحكومية بمتابعة ما ينشر في الصحف الرسمية -التي ولّى زمانها-والتفاعل مع قضايا المواطنين المنشورة، فإن متابعة مواقع التوصل الاجتماعي والتفاعل مع طرح المواطن من باب أولى. إن المواطنين في تويتر ليسوا أشباحاً ولا "أطباقاً طائرة" ولا "أجساماً غريبة" إنهم كما هم مواطنين صالحين تنبض قلوبهم "ولاءً وانتماءً" وإن نقدهم وتذمرهم من سوء الخدمات ليس "خيانة ولا عبثاً".. وإن مطالبهم بحقوقهم ليست "فتنة".. ولكن من "يده في النعيم ليس كمن يده في الجحيم".. ويظل هناك من لايريدهم يتكلمون ولا يشتكون، فقط يأكلون ويشربون، ليتمكن من حجب الحقيقة ويقول: "إنهم على ما يرام"! وفي خضم هذه المطالبة الشعبية تفتح إحدى الصحف الرسمية لتجد أنها تمرر تحقيقاً صحفياً بعنوان عريض: زيادة الرواتب للمواطنين يؤدي إلى "تفشي ظاهرة غلاء الأسعار وعدم السيطرة عليها"! بينما لم تقل هذا حينما تم زيادة الرواتب 15% قبل عدة سنوات، ولكن بعدما طالب بها المواطن قالت هكذا ! لذلك "ارموا جريدة .... خلف ظهوركم".. فهي تقف ضد الرأي العام. إن عدم التجاوب مع مطالب الشعب عبر تويتر وخاصة هاشتاق الراتب_ ما_يكفي_الحاجة أمر ليس له مبرر، فإذا كان يراها أمين مجلس الوزراء فتنة فإن الفتنة قد تكون في الصمت المطبق. أخيراً.. هل تستجيب الحكومة للمعتصمين في ساحة تويتر؟ أم تراه كما يراه "الأمين" فتنة "فتفض اعتصامهم"؟ أم يستمر الصمت؟.. وتستمر الحياة. * يوسف الميموني twitter.com/YOUSIFALMIMONY