تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت بحنق بالغ مقطع الفيديو الذي يظهر رجل الجوازات وهو يعتدي بالضرب على بعض المقيمين والذي لم يقتصر عليهم فقط بل شمل بعض المقيمات في منظر مؤسف جداً تقصر دونه كل عبارات الشجب والإدانة؛حيث جاوز حدود الشرع والعرف وخلا من كل معاني الشيم والمروءة ؛فتجاوز المقيمين للنظام – إن وجد- لايبرر بتاتاً الاعتداء عليهم بهذه الطريقة الفجّة ولايبرر التطاول بالترهيب برفع الحزام على النسوة منهم فضلاً عن ضربهن. أقدر بكل احترام هذا الحنق وهذه المشاعر تجاه هذه الواقعة ولكني مع ذلك أقول :" لاتلوموه ولوموا أنفسكم " ؛فأنتم من صنعتموه وأمثاله فلقد رأى منا الكثير بعضاً من أمثال هذه الواقعة ربما كانت دونها في الجرأة لكنها لاتعدوها باستخدام السلطة في التعدي على الآخرين ولو كان بمجرد إساءة المعاملة باللفظ النابي أو الانتهار برفع الصوت ونحوه ، نعم رأى منا الكثير بعضاً من ذلك ولم يحرك ساكناً ،بحجة :"أنا بخلّص معاملتي ولا لي بوجع الراس" حتى تمادى أمثال صاحب القضية بالتجاوزات المرفوضة. لايمكننا أن نلوم رجل الجوازات ونغض الطرف عن مرجعه فعليه جزء كبير من المسؤولية ؛حيث لم يجتهد في صنع رجل يمكنه التعامل مع مختلف الأحداث ولم يقم بتأهيله وتدريبه على فنون التعامل -الأخلاقي- مع مختلف الأجناس،نعم نجح أكاديمياً وطبّق " قف في الصف، وافعل، ولاتفعل، خذ ، هات، هذا هوالنظام" لكنه لم يدرّب على الابتسامة وقول:" لوسمحت، من فضلك تعاون معنا، نحن هنا لخدمتكم "ونحوها، وفي موازاة ذلك لم يكن هناك مراقبةٌ شديدة لمواقع مواجهة الجمهور سواء بكاميرات التصوير أوعبر الوقوف على هذه المواقع من الرؤساء باستمرارٍ. أمر وزير الداخلية بالتحقيق في الحادثة وربما أصُدرت عقوبات لكني أقول رويداً واسمحوا لي باستباق القرار فالعقوبة ليست نهاية المطاف ولا أنجع الحلول ولو كانت بأقسى الأحكام ، وليست هدفاً وحيداً للمتضجرين والحانقين، نعم سترهّب من الوقوع بمثيل الخطأ لكن ربما سببت ضعفاً في شخصية الأفراد وتردداً في اتخاذ القرار لمواجهة مختلف الأحداث؛ جراء خوفهم من الوقوع في الأخطاء، والحل يكمن - مع اتخاذ العقوبة المناسبة - بالبدء ببرنامج تأهيل وتدريب على جميل الأخلاق لمواجهة مختلف الأحداث ،وكذلك المراقبة الدائمة للأفراد المنوط بهم مهمة الاتصال المباشر مع الجمهور. إن برامج التأهيل لابد أن تكون ضمن خطة الدراسة في المعاهد العسكرية والكليات ولايستثنى منها مايسمى بالدورات، ولابد أن تشمل أيضاً من هم على رأس العمل وبالأخص منهم من كان في مواجهة الجمهور على الدوام . سبق ونبهت في أحد مقالاتي وفي معرض حديثي عن واقعة استعملت السلطة فيها بغير محلها وفي أطهر بقعة على وجه الأرض- في الحرم المكي- على أهمية تدريب الأفراد على جميل الأخلاق في تعاملهم مع المواطنين وغيرهم من المقيمين ومن ضيوف الرحمن لأن تصرفاتهم محسوبة وهي تعكس صورة أخلاق أهل هذا البلد وتكوّن خلفية سلبية أو إيجابية في ذهن الضيوف على الخصوص . الكثير والكثير من الرجال في القطاعات العسكرية هم محل فخرنا، وتعاملنا بل ولانزال نتعامل مع نماذج تعد مثالاً يحتذى، إحساس بالمسؤولية، حسن خلق ، ابتسامة مشرقة، تفانٍ في خدمة المراجعين، وغير ذلك ، والحالة محل اتتقادنا لا تمثل إلا نفسها وأمثالها ممن هم قلة بحمد الله. وكتبه: خالد بن ناصر العلي الغاط [email protected] التويتر: KhaledAlAli7