ما أن تتصرم أيام الصيف و بعده الخريف ، و تقبل أيام الشتاء إيذانا بتلبد السماء بالغيوم ، حتى تتوالى تصريحات الأرصاد و إنذارات مسؤولي الدفاع المدني و صيحاتهم في مختلف مناطق المملكة ، محذرين المواطنين والمقيمين بأخذ الحيطة والحذر من مجاري السيول و بطون الأودية و الشعاب ، و قد يكون تكرار هذا التحذير قد أفقده صيغة الجزم بحدوث المكروه حال مخالفة التعليمات ، وأن سماعه كل فترة وأخرى جعل منه فاصلا إعلانيا لا يأبه بفحواه ، والدليل على ذلك جموع الذين تحاصرهم السيول و هم الذين مشوا إليها بأرجلهم ، و بطوعهم و اختيارهم ، و بكامل قواهم العقلية ، يشبه عملهم هذا إلى حد كبير تهافت الفراش على النار ، ثم يحيلون مأزقهم و خطأهم إلى جهاز الدفاع المدني واصفين إياه بالتقصير و التأخر في نجدتهم و بضعف إمكاناته في إنقاذهم بالوقت المناسب . و إزاء هذا الأمر ، أود إبداء بعض الملاحظات ، و هي خواطر عابرة و مجردة ، قد يحالفها الصواب و قد لا يكون من نصيبها ، فكل يؤخذ من كلامه و يرد ، إلا صاحب القبر ( عليه أفضل الصلاة و السلام ) : 1 - أن تحذيرات وصيحات الدفاع المدني في مختلف وسائل الإعلام بمثابة إبراء ذمته من أي تقصير يكون خارج سيطرته و فوق توقعاته . 2 - أي شخص تثبت التحقيقات ضلوعه الكامل بمحاصرة السيول له يعتبر هو الملام الأول ، و كل المجهودات لإنقاذه تعد إزعاجا للسلطات ، و إشغالها عما هو أهم و أعظم . 3 - في حالة الأمطار الغزيرة تعلق الدراسة في منطقة معينة ، و الهدف من هذا التعليق الإجازة الطارئة للزوم البيت وعدم الخروج منه حتى زوال الخطر ، ولكن ذلك أسيء فهمه ، فمع نزول أول قطره تهرع الناس إلى حتفها ، كأنهم حمر مستنفرة ، فرت من قسورة . 4 - نزول المطر ، نعمة من الله تفضل بها المنعم ، سبحانه وتعالى ، يجب مقابلتها بشكره على نعمائه ، وتذكر أنا كنا قبل أن ينزل علينا هذا المطر لمبلسين ، و لننظر إلى أثار رحمة الله على البلاد والعباد بأن جعله صيبا نافعا . 5 - تعويد الناشئة على النظرة الشرعية للظواهر الجوية إلى جانب تفسيراتها المادية ، و أن لا تعارض بينها ، فالله ، سبحانه و تعالى ، خلق الأسباب ومسبباتها . وبالله التوفيق سليمان علي النغيمشي