كنت عضوا في لجنة امتحانات نصف العام في إحدى الجامعات ، وصادفت نوبتي مادة اللغة الإنجليزية ، وعند بداية الامتحان وتوزيع الأسئلة على الطلبة الممتحنين ، اعتراهم ما يشبه الذهول ، وحدقوا بورقة الأسئلة فأغري الأفواه ، وبسؤالهم عن حالهم أجابوا قائلين : لا نعرف قراءة الأسئلة يا أستاذ !! وبسؤالهم مرة أخرى لماذا لا تعرفون ؟ أجابوا ثانية : لأنها إنجليزي !! على الرغم من أن هذه الأسئلة فيها من السطحية الشيء الكثير ، و من المفترض أنها لا تناسب المستوى الجامعي ، حيث أن مستواها لمن هم في الصف الأول المتوسط . فقد جاء فيها : My father and mother are eating breakfast أي ما ترجمته بالعربي : ( أمي و أبي يتناولون الإفطار ) . في هذا الموقف العجيب تساءلت مع نفسي : كيف أنهت جموع هذه الطلبة المرحلة الثانوية وقبلها المتوسطة وهم لا يعرفون حروف اللغة الإنجليزية فضلاً عن كلماتها ؟ هل تجاوز معلمو المراحل الأولى مادة الإنجليزي بلا تعليم ؟ أو أن إدارة التربية و التعليم جعلوا تعلمه اختياريا ؟ أم أن المشكلة تكمن في الطالب وخلو باله من الجد في التحصيل وعدم حماسه في ما يطور ذاته ؟ أم أن الخلل فيما يسمى القياس والتقويم واختبار القدرات ؟ تذكرت تلك الحالة وقارنتها بمقرراتنا وأسلوب تعليمنا قبل أربعين سنة و اتضح لي أن لا مجال للمقارنة ، ففي تلك الأيام ننهي العام الأول من المرحلة المتوسطة وقد استطعنا القراءة والكتابة والتحدث في حدود المنهج المقرر ؛ أما الآن ، فإن الهدف من التعليم هو الانتقال من صف إلى آخر ومن مرحلة إلى ما يليها مصحوب بشهادة النجاح التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهو ما جعل التعليم يتجه إلى الانحدار في تسارع مريع . عند ذلك أيقنت أن أحد عناصر زمننا الجميل جديتنا في أمورنا كلها وعلى رأسها التعليم ، وإن ننس فلا ننسى ترديدنا عن إتقان عبارة : what are you doing salma وتعني بالعربي : ماذا تفعلين يا سلمى ؟ وذلك في أول حصة من تلك المادة والتي يصنفها معظم طلبة اليوم من معضلات التعليم . والله المستعان . سليمان علي النغيمشي