نسميها الصراحة التي أطلقها القارئ الشيخ عادل الكلباني في لقائه الشهير مع إحدى الصحف والتي تدفعنا إلى كشف صراحة أخرى ومكاشفة مقاربة لما باح به وسمى نفسه ب \" أوباما السعودية \" . وإذا كانت صحيفة نيويورك تايمز قد اعتنت مؤخراً بخبر إمامة الشيخ عادل الكلباني للحرم المكي الشريف استنتاجاً من تلك المقابلة المثيرة التي نشرت وحاول فيها \"سلمه الله\" استخدام ذراع العنصرية وأن وصوله للحرم هو استكمال لما سماه \" المساواه\" و عدم التمييز وغيرها . وهذا في نظري وهو يدرك ذلك أيضاً أن إمامة الكلباني ليست فتحاً عظيماً أو أمر خارقاً للعادة خصوصاً لمن يقرؤون التاريخ ويدركون مسيرة الحرمين وأئمتهما . إن الحرم المكي الشريف الذي قد أم فيه علماء ومقرئون من ألوان وأقوام وأسر رفعهم القرآن ليس إلا ولا داعي لذكر الأسماء التي أحتفظ بها بل قد وصلوا إلى عضوية هيئة كبار العلماء ولم يصنعوا لأنفسهم تلك الهالة وذلك الزحام المصطنع أو الحكاية المنقطعة . إن محاولة الأخ الكلباني الالتفات والالتفاف على المصطلح للوصول إلى إمامة الحرم شأن شخصي إلا أن وأد التاريخ ونسيانه أمر لا يمكن قبوله . لقد أسفت لتلك المقابلة التي طار بها كتابياً أخي وزميلي تركي الدخيل ثم حلق بها في إضاءاته لأنها كما يسميها البعض \" خبطة \" إعلامية لا تفوت . ثم أسفت لاحقاً لتلك المفردات التي لم نعتد إطلاقها من حملة العلم الشرعي فضلاً عن العلماء والمقرئين والتي ورد منها . أن الدخول في أجواء القراءة الساخنة يستدعي منه مدة طويلة كما يقول قارئنا الكلباني ولذلك لم تذرف دمعته إلا في أواخر شهر رمضان لعدم اعتياد عينه على المكان ؟! وهكذا انقلبت تراتيل الحرم إلى أجواء فنية بحتة حالت دون ظهور صراخ وعويل الشيخ المعتاد في الرياض لذا اعتذر من جمهوره الكبير !! أما لغة التقييم والوصاية على القراء والمقرئين بدءاً بأئمة الحرم وإمام جامع الملك خالد الحالي وأنه لا يتناسب مع الحضور النخبوي للمسجد فهذا في غاية العجب . وهكذا حول صاحبنا المساجد إلى منصات تشجيع وبطاقات ذهبية وحضور خاص !! إنني ما زلت أشعر أن إمامة الحرمين الشريفين لم تلقى العناية اللازمة من قبل المسئولين في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بدليل ذلك البحث الدائم عن أئمة للحرمين والتوصيات التي تطلق من مقربين ونافذين للحصول على هذا الشرف الكبير. وإن من حقوق رواد الحرمين من العاكفين والركع السجود أن لا تخضع صلواتهم لتجارب بعض الائمة من التائبين والمتراجعين الذين أرادوا بسط تحولهم السريع بعد أن أدركوا سوء فعلتهم وعاقبة طريقهم الآفل . كما أني أعتقد أن هناك صورة قاتمة لدى الغرب في منظومتنا الاجتماعية وأن الاعتقاد بأن مثل حالة الشيخ عادل هي استثنائية غير صحيح فهي لا تعدو كونها أنموذج لمئات الآلاف والملايين من أبناء هذا البلد المبارك الذي لا يميزهم لون أو عرق أو جنس . ليس مقبولاً في نظري أن يتخطى إمام الحرم حدود الصفات الشرعية اللازمة لمثل هذا المكان العالي ليتحدث بسذاجة وبلادة عن خصوصيات بحتة من زواج وغيرها . كنت على أمل أن يتعلم أخانا الشيخ عادل من أولئك الائمة الكبار ممن سبقوه إلى الإمامة منذ أكثر من ثلاثين عاماً في الحرمين . فما تم \" تسحيبهم \" أو \"تطويعهم\" لمآرب أخرى فحفظ الناس لهم قدرهم وإجلالهم الذي نالوه من إجلالهم للقرآن الذي في صدورهم . إن إمامة الحرمين الشريفين شرف مستحق لا يمكن تخطيه بتلك الفرقعات الإعلامية التي يحاول بعض القابعين في \" شللية ضيقة \" يستنشقون معها الهواء ثم يعيشون بعدها في أحلام يقظة ومنام يدركون من خلالها أنهم فوق طائر يهتف بهم لإمامة الحرم . إن أزقة مكة وحارات المدينة ملئ بتلك الأصوات الرقيقة الخاشعة المرتفعة من منائر المساجد والتي ما بحثت عن ضوء القمر ليزفها إلى أفق العالم الفسيح لكنها بالتأكيد تنتظر لحظة تحظى فيها بشرف الإمامة لهذا المكان المعظم في آلية تحقق العدل والانصاف بعيداً عن المهاترات والارجاف والفرقعات . محمد بن عبدالله المشوح [email protected]