\"متى يقر الرجل بسداد رأى المرأة إن أصابت كبد الحقيقة؟\"..سؤال أطرحه بلا تحيز على رجل القرن الواحد والعشرين، غير متذرع بثقافة وافدة من الشرق أو الغرب، إنما أطرح السؤال وأنا متحصن بثقافة أصيلة شامخة.. جذرها في الأرض وفرعها في السماء.. ثقافة نطق بها لسان الواقع والتطبيق، قبل أن تكون مجرد كلمات رنانة لا يتخطى أثرها آذان السامعين، أو قبل أن تكون كلمات تحريضية ترمى إلى إحداث انفصام بدرجات متفاوتة بين قطبي المجتمع.. الرجل والمرأة.. أطرح السؤال استناداً إلى مرجعية إسلامية لا تقبل الشك. في تاريخنا كأمة ذات حضارة، تحتل من ذاكرة التاريخ موضع البؤرة، زاد لا ينضب له معين من ثقافة استلهمت قواعدها ومنطلقاتها من وحى السماء، ومن سيرة خير خلق محمد \"صلى الله عليه وسلم\"، ومن بعده صحابة مثلهم مثل النجوم في كبد السماء.. هؤلاء تعلمنا منهم أن للمرأة كامل الحق في أن تبدى رأيها بلا حظر أو منع، متى التزمت بحدود الشرع والعرف، فإذا باحت برأي مؤيد بنص من كتاب أو سنة، وساقت لتدعيمه حججاً أقوى وأنفع، كان على الرجل أن يأخذ برأيها ولو خالف رأيه هو، ولا عيب في ذلك. عمر بن الخطاب ..الصحابي المبشر بالجنة.. خليفة رسول الله.. هذا العملاق صعد منبر رسول الله \"صلى الله عليه وسلم\" ثم قال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية، فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه وتعالى يقول { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}، فقال عمر، أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فاطرق عمر ثم قال: كل الناس افقه منك يا عمر، وفي رواية أخرى: امرأة أصابت ورجل أخطأ، وترك الإنكار. هذه القصة تسوق أدمغ الأدلة على أن عمر بن الخطاب - وهو أكبر رجل في دولة الخلافة - قد رجع إلى الحق و تواضع له حين قالت به امرأة، بل وأعلنها بلا خجل \"امرأة أصابت ورجل أخطأ\"..أي أنه قد أقر بسداد رأيها وقوة حجتها ولم ير في ذلك عيباً ولا نقيصة ولا نيلاً من هيبته كخليفة للمسلمين، فقد قال الهدد لسليمان عليه السلام { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}، وقد قال موسى عليه السلام للخضر{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، ولذا فإن مجتمع البشر بكافة درجاته ومراتبه المتباينة يحتمل تنبيه الصغير للكبير، والضعيف للقوى، والمفضول للأفضل بلا حرج ما دام الأمر يتعلق بإيضاح الحق وتبيانه..فما رأى الرجال في ذلك؟!. بقيت في الجعبة كلمة أتوجه إلى مجتمع النساء.. أقول: إن المرأة ستكون مسموعة الرأي من طرف الرجل إن تمسكت بخصائصها، ولم تغادر طبيعتها التي خُلقت عليها، وأقصد أن لا تبحث المرأة عن أماكن الرجال لتشغلها، أو عن طريقة الرجال لتقلدها، لأن المرأة في إصرارها على إثبات نفسها تأثراً بأفكار من هنا أو هناك سوف تسقط في فخ المشابهة بالرجل وهى لا تدرى، فإن صح ذلك فسوف تفقد المرأة مزاياها، وبالتالي سيعرض الرجل عنها وعن رأيها، لأن الأقطاب المتشابهة تتنافر..!!. عبد القادر مصطفى عبد القادر