في الوقت الذي نشهد فيه أكثر من احتفالية بالأفلام السعودية من خلال مهرجانات متفرقة تقام كل عام، تم الإعلان مؤخراً عن دخول أول فيلم سعودي لمهرجان كان السينمائي، بعد أن شهدت دور السينما عرض أكثر من فيلم سعودي لقيت إقبالاً كبيراً أثبت استطاعة السعوديين على إيجاد صناعة سينما بإمكانها المنافسة والوصول الى العالمية إذا ما تم التركيز عليها ودعمها وتشجيعها. أتذكر مقولة لأحد أشهر الممثلين العالميين خلال مهرجان (Joy Award) الذي أقيم في الرياض، ولا يحضرني اسمه الآن، يخاطب فيها السعوديين بما معناه أن لديكم قصصاً كثيرة وجميلة حان الوقت لإخراجها سينمائياً، وبالتأكيد أن هذا الممثل الشهير لم يكن بحاجة لقول عبارة كهذه جزافاً ومجاملةً، وإنما كان على معرفة وعلم بالمخزون الضخم في المجتمع السعودي الذي يمكن تحويله إلى أعمال سينمائية متميزة. لدينا قصص تأريخية واجتماعية وثقافية هائلة، وحدثت في مجتمعنا تحولات كبرى على امتداد المراحل، ومثل أي مجتمع بشري آخر حدثت فيه مفارقات وتناقضات وملابسات رسمت ملامحها وتأثيرها على تأريخه، وكل ذلك يستحق المعالجة السينمائية الاحترافية، أخذاً في الاعتبار أن العمل السينمائي فن له قواعده وأصوله ومفاهيمه ورسالته وأهدافه. كما أن لدينا تنوعاً بيئياً وجغرافياً وآثارياً في غاية الثراء يتيح مواقع تصوير فريدة تفتح شهية السينمائيين، والشاهد على ذلك أن الفيلم الذي سيدخل مهرجان كان تم تصويره كاملاً في العلا. والأهم من كل ما سبق أن السينما أصبحت من أهم عناصر القوة الناعمة للدول والمجتمعات، تأملوا ما تفعله حالياً وما وصلت إليه السينما الكورية والإيرانية والإسكندنافية مثلاً. لقد كانت تروى عنا قصص ومشاهد في السابق كلها تنميط سلبي في الأعمال السينمائية للآخرين، مجرد حضور هامشي لثقافة تُصور بأنها متخلفة بمبالغة شديدة وقميئة، الآن حان الوقت كي نصنع قصصنا سينمائياً وننقلها للعالم.