تخوض الصين وهي ثاني اكبر دولة في العالم بعد الهند من حيث عدد المصابين فيها بالسل معركة شاقة ضد أنواع مقاومة للعقاقير... من المرض لن تؤدي الا لاستنزاف ميزانية الصحة بالبلاد ، وتظهر حالات السل المقاومة للعقاقير التي يكون علاجها أعلى تكلفة بكثير حين لا يتبع المرضى أنظمة علاجية ويتعاطون عقاقير دون المستوى او يوقفون العلاج في وقت مبكر. وعلى سبيل المثال توقف ليو تشونغ و الذي يعمل بتقطيع الحجارة في جنوب الصين عن تناول دواء السل في منتصف فترة العلاج المقررة وهي ستة اشهر في المعتاد لانه كان مكلفا جدا. وقال ليو "على الرغم من أن دواء او اثنين كانا مجانيين اضطررت لدفع 500 يوان (73 دولارا) في الشهر لشراء أدوية أخرى ( لتقليل الاثار الجانبية) فالاثار الجانبية كانت سيئة فقد عانيت من الام بشعة في المعدة واضطررت للتوقف عن العمل ولم تكن لدي طاقة حتى للمشي." هذه النوعية من السلوك تحديدا هي التي يحاول خبراء الصحة وقفها لانه اذا لم يتم القضاء على البكتيريا المسببة للسل تماما فمن الممكن أن تتحور لتظهر من جديد في وقت لاحق وتصبح مقاومة للمجموعة الصغيرة من الادوية التي يمكنها مكافحة المرض. وهناك 4.5 مليون حالة اصابة بالسل في الصين حاليا وفي كل عام يصاب 1.4 مليون شخص بالمرض. وتقول منظمة الصحة العالمية ان مرض السل أودى بحياة 160 الفا في الصين عام 2008 . وقتل المرض 1.8 مليون شخص في أنحاء العالم عام 2008 اي شخص كل 20 ثانية. وليست الدول الفقيرة وحدها هي المبتلاة به بل ايضا يوجد في الغرب حيث ظهر من جديد بسبب مرض نقص المناعة المكتسب ( الايدز) الذي يضعف جهاز المناعة. ويستنزف السل جزءا كبيرا من ميزانية الصحة بالصين بسبب ارتفاع حالات المرضى بأنواع مقاومة للعقاقير والتي يكون علاجها أصعب كثيرا وأعلى تكلفة. وفي مثل هذه الحالات يحتاج المرضي الى الدواء لما يصل الى عامين اما أسوأ أنواع السل الذي لا علاج له فيقتل مريضا من كل اثنين. ويقول لين يان مدير مكتب الصين للاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة وهي جماعة لا تهدف للربح "اذا وجد المزيد من الحالات المقاومة للدواء فان تكلفة علاج السل ستزيد بقدر كبير وهذا مؤكد. في حالة مقاومة الدواء لا نستطيع استخدام عقاقير الخط الاول وتكلفة العقاقير الاخرى أغلى بكثير." ومضى يقول "حين يصيب هؤلاء المرضى غيرهم بالعدوى سيصاب الاخرون بنوع من السل مقاوم للدواء. وهذا يزيد من تكلفة علاج ذلك الشخص ويزيد احتمالات عدم شفائه." وقال تشونغ تشيو من اللجنة الاستشارية لخبراء السل بالصين ان تكلفة علاج النوع العادي من السل في الصين تبلغ 1000 يوان للفرد اما النوع المقاوم للعقاقير فتتراوح تكلفته من 100 ألف الى 300 الف يوان. وتحتل الصين المركز الثاني على مستوى العالم حيث توجد بها 112 الف حالة للسل مقاومة للدواء بعد الهند التي توجد بها 131 الف حالة. وهناك 43 الف حالة في روسيا بينما توجد في جنوب افريقيا 16 الف حالة وفي بنجلادش 15 الف حالة. وأنفقت الصين 225 مليون دولار على التعامل مع مرض السل عام 2008 مرتفعة عن مبلغ 98 مليون دولار الذي أنفقته عام 2002 وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية. ولا تضع هذه الارقام في الاعتبار ما يدفعه المرضى من جيوبهم ويتراوح عادة بين 47 و62 في المئة من فواتير المستشفى. ومثل السل المقاوم للعقاقير 27.8 في المئة من جميع حالات السل في الصين عام 2000 مقابل خمسة في المئة في الدول المتقدمة. وقال لين "هناك أسباب كثيرة لمشكلة السل المقاوم للعقاقير. المرضى يتوقفون عن أخذ الدواء حين يشعرون بتحسن ربما بعد شهر. والبعض لا يملكون المال اللازم للدواء اذا لم يكن العلاج مجانيا بل انهم حتى لا يعرفون أنه مرض خطير." ومعظم المصابين بالسل من الفقراء الذين يعيشون عادة في أماكن لا يسهل الحصول فيها على الرعاية الصحية. ويتحمل الكثير من المرضى تكلفة العلاج والمواصلات ايضا ومن الممكن أن يؤدي علاج اي مرض مزمن لفترة طويلة الى افلاس عائلات بأكملها. ونفدت أموال لي جيا تشوين (45 عاما) بسرعة واضطر للاقتراض من أقاربه وأصدقائه بعد أن شخصت اصابته بالسل. وقال لي "لا أتناول دواء الان. ليس لدي أموال لسداد ديني البالغ 20 الف يوان. أنفقت الاف اليوانات على التشخيص والعلاج واكثر منها على المواصلات." وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يكون كل علاج السل مجانيا لان المرض يمثل تهديدا للصحة العامة. لكن في الصين يكون العلاج مجانيا في العيادات الخارجية المتخصصة في علاج السل فقط. اما المستشفيات العامة التي تمول نفسها ذاتيا منذ التسعينات فتفرض رسوما. وقال تشونغ الذي يرأس ايضا معهد أبحاث مكافحة السل باقليم قوانغ دونغ بجنوب الصين "السل مشكلة سياسية لانه معد. له أثر مجتمعي ويهدد الصحة العامة... العلاج المجاني مهم جدا." ويبلغ عمر اللقاح الوحيد في العالم ضد السل 100 عام ولم يظهر عقار جديد لعلاج السل منذ اكثر من 40 عاما. لكن ظهور المرض من جديد بسبب الايدز أجبر الغرب على العودة الى اجراء أبحاث على السل في الاعوام العشرين الاخيرة وهناك مجموعة من العقاقير واللقاحات التجريبية قيد الاعداد.