المملكة تستضيف الاجتماع السابع لمديري الطيران المدني لدول الشرق الأوسط    انقسام قادة إسرائيل واحتدام الحرب    روسيا تتقدم في أعماق دفاعات أوكرانيا    المملكة رئيس للمجلس التنفيذي ل «الألكسو» حتى 2026    «حرس الحدود» بجازان يحبط تهريب 180 كيلوغراما من نبات القات    «إنفاذ»: 38 مزاداً لبيع 276 من العقارات والمركبات    لواء من الحرس الثوري يشارك بالبحث.. خامنئي: إدارة الدولة لن تتأثر بسقوط مروحية الرئيس    الخلافات تتفاقم.. وزير يميني يطالب نتنياهو بحل مجلس الحرب    وزير الخارجية يبحث مع إسحاق دار ترتيبات زيارة ولي العهد إلى باكستان    السعودية تعرض على إيران المساعدة في البحث عن طائرة رئيسي    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان مدير مركز الإنتاج الاذاعي والتلفزيوني بالمنطقة بوفاة والدته    الأمير سعود بن نهار يلتقي رئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية    مبادرة "طريق مكة" تسخّر أفضل الخدمات لضيوف الرحمن في بنجلاديش    بايرن ميونخ يتطلع للمستقبل بعد موسم بدون ألقاب    أرامكو السعودية توقع ثلاث مذكرات تفاهم خلال زيارة وزير الطاقة الأمريكي    طاقات عربية واعدة تجعل الإنتصار ممكنا    أمير منطقة تبوك يرأس اجتماع جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية    كاسب الرهان محمد بن سلمان    مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق مهرجان القراءة الحرة    مانشستر سيتي بطلًا للدوري الإنجليزي 2023/24    اتحاد الغرف يعلن تشكيل لجنة وطنية للتطوير العقاري    صندوق تنمية الموارد البشرية يطلق منتج "التدريب التعاوني" لتزويد الكوادر الوطنية بخبرات مهنية    سمو محافظ الخرج يتسلم تقريراً عن الحملة الأمنية لمكافحة المخدرات في المحافظة    أمير تبوك ونائبه يواسيان مدير مركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة بوفاة والدته    بطولتان لأخضر الطائرة الشاطئية    1.8% نسبة الإعاقة بين سكان المملكة    الشلهوب: مبادرة "طريق مكة" تعنى بإنهاء إجراءات الحجاج إلكترونيا    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع رفيع المستوى بين مركز الملك الفيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحالف الحضارات للأمم المتحدة ومركز نظامي جانجوي الدولي    استمطار السحب: حديث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد حول مكة والمشاعر يمثل إحدى فرص تحسين الطقس    يايسله يوضح حقيقة رحيله عن الأهلي    هاتف HUAWEI Pura 70 Ultra: إعادة تعريف التصوير الفوتوغرافي والتصميم    إعفاء مؤقت للسعوديين من تأشيرة الدخول إلى الجبل الأسود.. لمدة 30 يوماً    غرفة أبها تدشن معرض الصناعة في عسير    الجمعية العليمة السعودية للصحة العامة ساف تشارك في مؤتمر يوم الابحاث    علامة HONOR تعلن عن رعايتها لمسابقة إجادة اللغة الصينية بعنوان "جسر اللغة الصينية" في المملكة العربية السعودية    ملتقى النص المعاصر: احتفالية شعرية وفنية تُضيء سماء نابل    سفير إندونيسيا لدى المملكة: "مبادرة طريق مكة" نموذج من عناية المملكة بضيوف الرحمن    وزير الصحة الماليزي: نراقب عن كثب وضع جائحة كورونا في سنغافورة    مستشفى دله النخيل ينهي معاناة عشريني يعاني من خلع متكرر للكتف وكسر معقد في المفصل الأخرمي الترقوي    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    زيارات الخير    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    "مبادرة طريق مكة" تواصل تقديم وتسهيل خدماتها في ماليزيا    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    الماء (2)    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    قائد فذٌ و وطن عظيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخمسون سنة المقبلة.. مستقبل العلوم خلال النصف الأول من القرن 21
نشر في أنباؤكم يوم 22 - 07 - 2011


إبراهيم غرايبة - الاقتصلادية السعودية
يقدم هذا الكتاب 25 مقالة تدور حول ما سيشهده مجال العلوم والتكنولوجيا من تقدم، وتركز على التطورات التي تؤثر في حياة جميع الناس، مثل أبحاث الخلايا الجذعية، والاستنساخ، وسلسلة الجينوم البشري، والذكاء الاصطناعي، وعلم الأحياء الفلكية، والحوسبة الكمية، ويلاحظ محرر الكتاب جون بروغمان أن اضطرار العلماء إلى الكتابة بلغة يستطيع زملاؤهم ممن ينتمون إلى علوم أخرى فهمها يتيح للقراء أصحاب الخلفية التعليمية العامة اللحاق بالركب، والنظر بعيون أفراد هذه الجماعة، وهم يتناولون أسئلة الساعة.
والعلماء المشاركون في هذه الأعمال لا يكتبون تبسيطات بهدف تسلية الجمهور، بل يكتبون لأقرانهم في فروع العلم الأخرى، ويشركونهم في المناظرات التي نشهدها في يومنا هذا، وليس الهدف تبسيط العلم، بل محاولة تقريب آخر الأبحاث العلمية، حيث يستطيع فهمها المنتمون إلى المجتمع العلمي ذاته، وجمهور عريض على السواء.
ينتظم مقالات الكتاب سؤال عن "ال50 عاما المقبلة" في مختلف المجالات التي ينتمي إليها واضعوها، كيف ستغير الإنجازات العلمية على مدى نصف القرن المقبل؟ ما التطورات التي يمكننا توقعها في كل مجال أو علم معين، وكيف يمكنها أن تؤثر في فروع العلم الأخرى وتسمو فوقها؟ أي التوقعات الحالية لن يتحقق، وأيها سيمثل تحولات مفاجئة في الإدراك.
وهؤلاء العلماء المشاركون، هم: علماء الأحياء ريتشارد داوكينز، وبول دبليو، وبرايان جودوين، وستيوارت كاوفمان، وروبرت سابودسكي، والكيماوي بيتر أتكينز، وعلماء النفس بول بلوم، وميهالي شيكزنتميهالي، ونانسي اتكوف، وأليسون جونبيك، وجوديت ريتش هاريس، وجوفري ميلر، وعالم النفس والكمبيوتر جون إتش هولاند، وعالم النفس الباحث في الذكاء الاصطناعي رودني بروكس، والرياضيان إيان ستيوارت، وستيفن ستروجاتز، والفلكي مارتن رينز، وعالما الفيزياء النظرية بولد ديفيتز، ولي سمولين.
ويقسم الكتاب إلى قسمين، أحدهما "المستقبل نظريا" يتناول التقدم المتحقق في علم الكونيات، واستخدام النظم غير الواقعية والافتراضية في الرياضيات، والاتجاهات الجديدة في نظرية التعقيد، والتأملات في معنى أن يكون الشيء حيا، وفي كيفية تعلمنا وتفكيرنا وطبيعة وعينا وشعورنا وفي ما إذا كنا وحدنا في هذا الكون تمثل صورة فريدة من صور الذكاء.
ويغطي القسم الثاني "المستقبل عمليا" موضوعات من قبيل سلسلة الحمض النووي، وماذا سنعرف عن أنفسنا من خلاله، واستكشاف المريخ، والبحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وسيطرتنا على المادة، وتفاعلنا الحميم مع آلاتنا وخاصة الحواسيب، والتصورات المستقبلية للفضاء المعلوماتي، وعلم الأعصاب، وطريقة تربيتنا لأطفالنا وآفاق مواصلتنا لرفاهتنا البدنية والذهنية.
المستقبل نظريا
يعرض لي سمولين (مستقبل طبيعة الكون) الأسئلة الكبرى في السنوات ال 50 الماضية، وهي: ما طبيعة القوة الكبيرة التي تحافظ على تماسك الأنوية الذرية؟ وما طبيعة القوة الضئيلة المسؤولة عن الانحلال الإشعاعي؟ هل نظرية الحالة المستقرة الخاصة بالكون على صواب، أو هل كان هناك انفجار كبير على النحو الذي تكهن به جامو وغيره؟ هل للبروتونات والنيوترونات أي بنية داخلية؟ لم للبروتون والنيوترون كتلتان مختلفتان اختلافا طفيفا في حين أن الإلكترون أخف كثيرا من أي منهما؟ ولم لا توجد كتلة للنيوترينو؟ وما الميون، ومن الذي رتّبه؟ ما العلاقة بين النسبية العامة ونظرية الكم؟ ما الطريقة الصحيحة لفهم نظرية الكم؟ يقول سيمون إننا نعرف الإجابة عن الأسئلة الأربعة الأولى، وإن كنا نواصل طرحها، ولم ننسها، وما زلنا نحاول الإجابة عن الأسئلة الثلاثة الأخيرة.
ويتوقع مارتن ريز (التحديات الكونية: هل نحن وحدنا وأين؟) أنه سيكون في السنوات القليلة المقبلة ممكنا دراسة سطح المريخ وزحل وغيرهما من الكواكب والأقمار في المجموعة الشمسية بواسطة أسطول من المجسات الفضائية الممكن إرسالها.
لقد أمضى أينشتاين السنوات ال 30 الأخيرة من عمره باحثا عن نظرية موحدة توفق بين نظرية الجاذبية (النسية العامة) ومبدأ الكم الذي يحكم العالم المصغر للجزيئات دون الذرية، ولكنه لم يتوصل إلى نتائج مجدية، وربما نتوصل يوما ما إلى نظرية مقنعة تقول لنا ما إذا كانت هناك أكوان متعددة أم لا، وإذا ما كان بعض ما يسمى قوانين الطبيعة مجرد قوانين داخلية محدودة في رقعتنا الكونية حتى قبل أن نتوصل إلى مثل هذه النظرية، يمكننا اختبار ملاءمة "الانتخاب الإنساني" بطرح سؤال عمّا إذا كان كوننا الفعلي نموذجا للمجموعة الفرعية التي يمكن أن نكون نشأنا فيها.
وفي علم الرياضيات يتوقع إيان ستيوارت (رياضيات عام 2050) أنه سيشهد ثورات كبرى، بفعل التأثير المتزايد للكمبيوتر والتحديات الجديدة التي تطرحها العلوم البيولوجية والقطاع المالي، ولكن التنبؤ الوحيد المأمون هو أن كثيرا منها سيكون من النوع الذي لا يمكن التنبؤ به.
تستمد الرياضيات قوتها من ائتلاف مصدرين، العالم الحقيقي والخيال البشري، وقد وضع ديفيد هيلبرت شيخ الرياضيين في عصره 23 مسألة مهمة ليتم حلها مستقبلا، وتم حسم معظمها الآن، وهذا يؤشر على التقدم في الرياضيات، وبعض هذه المسائل ظل معضلة محيرة لمئات السنين، وقد عرض معهد كلاي للرياضيات في كيمبردح بولاية ماساتشوسيتس عام 2000 سبع جوائز قيمة الواحدة منها مليون دولار أمريكي تمنح لمن يجد حلولا لسبع مسائل رياضية عسيرة مستعصية على الحل، ويتوقع ستيوارت أن معظم هذه المسائل سيحل في أثناء ال 50 سنة المقبلة.
وسوف يتأصل في رياضيات عام 2050 الميل إلى استخدام الكمبيوتر كمساعد تفسيري في البراهين، وستوجد أنظمة "لا واقع افتراضي" تمكن الرياضيين من "زيارة" بنى مفاهيمية مجردة مثل الهندسات اللاإقليدسية أو سلاسل الأعداد الأولية العملاقة والتحكم بها كما يريدون دون جهد يذكر، تماما كما نستخدم اليوم الآلات الحاسبة في الأعمال الحسابية، وسيرتبط علم الرياضيات كثيرا بفيزياء الكم، وأما ما سيكون أعظم أثرا وأكثر راديكالية فهي الرياضيات المستلهمة من العلوم الحيوية، وهي الرياضيات الحيوية، وستكون لدينا بحلول عام 2050 نظرية رياضية قوية حول الظواهر الناشئة والديناميكا عالية المستوى للأنظمة المعقدة، وستؤدي إلى مفاهيم لم تخطر على بال حتى الآن، ولكن ستؤدي إلى فهم جديد لمحدودية النمذجة الرياضية في العلم، وستحدث ثورة في الرياضيات المالية والتجارية من خلال التخلي عن النمذجة "الخطية" الحالية وإدخال نماذج تعكس بنيتها الرياضية العالم الحقيقي بدقة، وستساعدنا الرياضيات على فهم أنماط الكون من منظور هذه الأنماط ذاتها، وليس فقط من منظور مليارات الأرقام المتراقصة التي تنشأ عنها هذه الأنماط وكأنها نوع من المعجزات.
وفي محاولته لدراسة الحاضر واكتشافه كاملا قدر المستطاع يرى برايان جودوين (في ظل الثقافة) أن ما يبرز بوضوح اليوم هو التحالف القوي بين العلم والتكنولوجيا والأعمال، الذي أسفر عن ثقافة عالمية تستند مبادئها الرئيسة إلى التنبؤ والسيطرة والابتكار والإدارة والتوسع، أما مرتكز هذه المبادئ فهو العقلانية والقوة اللذان دافع عنهما فرنسيس بيكون باعتبارهما السبيل إلى فهم الطبيعة، واستخدام تلك المعرفة لتحرير الإنسان من الرقّ، وقد نجحت هذه الاستراتيجية نجاحا غير عادي، وأصبحنا نملك بالفعل وسائل تحرير البشر من الجوع والفقر بتوليد الثروة والسلع، ولكنا أيضا انزلقنا على خلاف المتوقع إلى هوة عصر مظلم بسبب التلوث والنزف في الموارد والتغير المناخي.
ويشير هنا إلى أحد العناصر التي انضمت إلى الأجندة العلمية، وهي أصل الوعي وطبيعته، ومحاولة الإجابة عن السؤال "من أين يأتي الوعي؟ ومن أين تأتي المشاعر؟".
المستقبل عمليا
في تساؤله عما هو آت وكيفية التنبؤ به يقرر جون إتش هولاند أن من المحتمل أن يكون المصير لهذه التنبؤات إن لم يكن المتنبئ نفسه محفوفا بالمخاطر، ولكنه كما يقول تحدّ يصعب تجاهله، وبرأيه فإن أهم عامل في دقة التنبؤ هو مستوى التفاصيل، وفي مهمته للتنبؤ يبدأ بوصف التغيرات التكنولوجية المرجح حدوثها في مجالات عدة متشابكة مثل الحوسبة والروبوتية والبيولوجيا والنقل واستكشاف الفضاء، ثم يستنتج بعض التأثيرات الناجمة عن هذه التغيرات، أي تأثيرها على السكان والتخطيط والتعليم والخصوصية والطب وعصر جديد من الاستكشاف.
ستؤدي عمليات الدمج والتصغير والتطوير في الحواسيب إلى اختراع جهاز اتصال عالمي في حجم ساعة اليد، يضم كاميرا فيديو وكمبيوتر وجهاز تحريك صور وجهاز تحديد موقع وكمبيوتر محمول وشاشة عرض ثلاثية الأبعاد، ويوفر خيارات تحكم شاملة، وسيكون انتشار هذا الجهاز بمثل شهرة ساعة اليد، وستطور برامج الكمبيوتر نحو مزيد من المرونة والذكاء والتعلّم بالمستوى الذي يتمتع به البشر أو يقترب منه أو يشبهه، وسيكون هناك تأكيد مستمر على البرامج التي تعدل ذاتها بناء على التجربة لأجل الوفاء بالمتطلبات الخاصة بكل مستخدم على حدة.
ويؤدي ذلك في الحياة والتطبيق إلى تدهور وسط المدينة، والتقلبات في التجارة العالمية والطب وسائر مجالات الحياة، وربما تختفي وسائل العلاج التي كانت متبعة في القرن ال 20، فسيؤدي تطور فهمنا للحياة والمرض وتطوير الأجهزة وتصغيرها إلى ثورة في العلاج والطب، وفي مجال النقل الذي تأخر فيه التغيير، فقد حررت السيارات التي ظهرت في القرن ال 20 من الارتباط بالمكان، ولكنا ما زلنا نعاني من اكتظاظ الطرق، وربما يمكن تطوير وسائل للنقل خالية من الضوضاء وأقل تلوثا وأقل تكلفة.
ويرى هولاند الآن الأولوية القصوى على مستوى ال 50 عاما المقبلة هي تقليص عدد السكان إلى مستوى يتلاءم مع الموارد، ولمواجهة نقص الإنتاج الغذائي وتقلص الغابات والنقص في الطاقة، وهناك مشكلة أخرى وهي الخصوصية وحرية السلوك دون مراقبة، فالقدرة العالية على تصوير الفيديو والتواصل السريع تحول كل إنسان إلى مراسل إخباري، وبرغم ما في ذلك من إيجابيات مثل مواجهة الجرائم والمظالم، ولكن الحرية الشخصية أصبحت مهددة بالانتهاك والتطفل.
وسيساعدنا تطور علم الأحياء على التحكم بالمرض والتحرر من الألم، وتقوية المناعة ضد المرض وفي المقابل ربما يكون ممكنا شنّ حروب بيولوجية، ووقوع أخطاء في الهندسة الوراثية.
ويتوقع رودني بروكس (اندماج الجنس البشري والآلات) أن ال 50 سنة المقبلة تحمل تهديدا كبيرا للإنسانية، وقد تنشب حروب فكرية ودينية، وفي المجال التقني فإنه يتوقع أن تجري عمليات دمج للتكنولوجيا بجسم الإنسان، وسيكون ممكنا زراعة أجهزة بصرية وسمعية وغيرها تؤدي وظائف أعضاء الجسم أو تطورها، وسيكون ممكنا التواصل مع أجهزة الكمبيوتر أو الأجهزة المحوسبة بمجرد التفكير أو بجهد قليل جدا، ويساعد ذلك المصابين بالشلل والإعاقات الشديدة على التواصل وأداء كثير من الأعمال، ويمكن زرع رقاقات داخل الأجسام لتوجيه الأعصاب والتحكم بالوظائف الأساسية لدى المصابين بالسكتة الدماغية والشلل الرعاشي (باركنسون) والشلل الرباعي، وسنبدأ في تحقيق تحسينات بيولوجية في جسم الإنسان، وقد نمتلك قدرات بيولوجية جديدة يبدو بعضها اليوم خياليا، مثل تطوير الذاكرة، والتحكم بالجنين من حيث ذكائه وقدراته وطوله وشكله، وستنشر قطع الغيار البشرية لتعديل الأجسام وتعويض النقص والفقد في أجسام الناس، وستستخدم الكائنات المعدلة في تطوير المصانع.
ومع استمرار العمل العلمي والتقني ستواجهنا دائما المجموعة نفسها من الأسئلة المزعجة، ما معنى أن تكون حيا؟ ما الذي يجعل شيئا ما إنسانا؟ وما الذي يجعل شيئا ما "شبه إنسان"؟ ومن هو الإنسان السوبر؟ وما التغيرات التي يمكن أن نقبلها في الإنسانية؟ هل من الأخلاق التغيير في الحياة البشرية؟ وهن الأخلاق التغيير في الحياة البشرية بطرق تصحيحية معينة؟ ومن سيضع معايير التصحيح؟ ومن سيضع معايير "الحياة" "البشرية"؟ وما المسؤولية التي سيتحملها العلماء تجاه أشكال الحياة التي سيتلاعبون بها أو يعدلونها؟
هل سنزداد ذكاء؟ يتساءل روجر سي. شانك، هل الذكاء مطلق؟ هل يزيد ذكاء الجنس البشري بمرور الوقت؟ ستزداد قدرة وسهولة حصول الإنسان على المعلومات، وبزيادة قدرة الآلات على توفير الإجابات والمعلومات والعمليات الفكرية والعلمية، وستحل المدارس الافتراضية محل المؤسسات الحالية، وتجذب إليها الطلبة بسبب ما تمنحه من خبرات ومعارف، وقد يمكّن ذلك الطلاب من الالتحاق بالجامعات قبل ال 18 بفترة طويلة، وعلى أية حال فإن التعليم في معناه العميق كان يعني دوما العمل وليس المعرفة، وقد يعود هذه المعنى من جديد، فيتلقى الإنسان الخبرة اللازمة والتي يحتاج إليها ويعمل على أساسها بلا حاجة إلى أنظمة تعليمية شاملة ونمطية، هل سنصبح مجتمعا أكثر ذكاء بفضل هذه الابتكارات؟ ربما لا نكون أكثر ذكاء ولكن خبراتنا ومعارفنا ستكون أكثر.
وفي مجال السيطرة على المرض يتوقع بول دبليو. إيوالد أنه بات محتملا في السنوات القليلة القادمة معرفة أسباب كثير من الأمراض وبالتالي معالجتها، ومن هذه الأمراض المتوقع السيطرة عليها: السكري، والسرطان، والزهايمر، وانفصام الشخصية، والاكتئاب، ولكنا سنظل نواجه في ال 50 عاما المقبلة المرونة الجينية للفيروسات، فالفيروس المتسبب بمرض نقص المناعة "الإيدز" يتمتع بمرونة جينية تمكنه من تطوير مقاومته لمضادات الفيروس والإفلات من محاولات العلاج والمقاومة.
هذا الكاتب يثير الأسئلة أكثر من الإجابات ويمنح التوقعات أكثر من المؤكد، ولكنها لم تعد قضية ترفيه وإنما تمس حياتنا ومصائرنا وأعمالنا، وعليه فإن الثقافة العلمية المتقدمة والمعقدة تتحول إلى حياة يومية وثقافة شعبية تؤثر في الأعمال والقرارات والموارد، وهكذا فإن قيمة هذا الكتاب والكتب التي تشبهه ليس فقط فيما تمنحه من أسئلة وآفاق ومعارف، ولكن في الحث على المتابعة والتفكير الدائم في التحولات الناشئة عن التقدم العلمي والمصاحبة لها، والتي تغير حياتنا ومواردنا وأفكارنا، وكل شيء تقريبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.