لم يعد الإعلام قادرا على ضبط محتواه من حيث مصداقيته أولا وجودته ثانيا، ويبدو أن التسابق المحموم على المعلومة في ظل الكم الكبير من الناقلين «مواقع الكترونية وتواصل اجتماعي ومن ثم قنوات تلفزيونية وأخيرا صحافة» قد أوجد ضعفا في المصداقية من فرط أن الاعلام اصبح حاجة اجتماعية ملحة يجدها الفرد بكل سرعة ويسر وسهولة.. الشاهد من هذه التوطئة أن التسارع وما يحمله من معلومات وأخبار وتقارير ضخمة قد أدى الى ارتباك المجتمعات، والأكيد أن هناك من استغل ذلك لأجل التلاعب بالعقول، وتغيير الصورة النمطية لأي شخصية أو أي جهة أو أيدولوجية، فنحن في المملكة العربية السعودية نعيش هذا التسارع لذا اصبحت المعلومات المغلوطة والاشاعات لا تمر عبر فلاتر التدقيق والاستيضاح لدى مصدريها لأن التأخر ولو لدقائق معدودة يعني أن هناك من سيسبقك على هذا الأمر، والاكيد أن مثل ذلك قد أوجد كثيرا من الارتباك في التعامل بين الناس من جهة وبينهم ومؤسساتهم الحكومية ومن يقودونها من جهة أخرى. هنا ولنأخذ مثلا على مدى قدرة الاعلام على تغيير الحقيقة من فرط أنه يريد ان يكون في صدارة السباق فخلال زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأخيرة للولايات المتحدةالامريكية التي كانت لاسباب اقتصادية وتتعلق برؤية السعودية 2030 كان هناك من قرأ الزيارة باستعجال كبير ومن بينها صحف اوروبية وامريكية كبيرة من حيث إنها نحت عبر تقاريرها «لا.. أخبارها» الى اهداف لم يكن فحوى الزيارة يعبر عنها ولا حتى الاحاديث والتصريحات الصادرة تتعرض لها، لذا بات الأمر لديهم وكأنه المشاركة في الحدث الكبير تخمينا يصل في بعضه الى الاختلاق كما فعلت صحيفة الواشنطون بوست، ومثيلاتها في اوروبا وامريكا. هم كما غيرهم سواء مواقع الكترونية أو قنوات تلفزيونية قرأت الزيارة قراءةً عشوائية للمشاركة ليس أكثر، وهنا نشدد على ان التثبت والتحقق من صدق المعلومة قد غاب عنهم من فرط البحث عن السرعة في المشاركة بالمعلومة والتقرير عن الحدث المهم.. وبما يؤدي الى فوضى في النقل والتعليق على الحدث. يؤلمنا مثل ذلك لأنه ينتشر بسرعة ولأن ليس لدينا منصة اعلامية رئيسية قادرة على أن تضبط اخبارنا المهمة وما يتعلق بنا من الصادر من الخارج كي تصحح وتنشر ما هو حقيقي وترفض ما هو مختلق، لأننا عانينا كثيرا من عبث وتسرع الاعلام، وما نقصده هنا لأجلنا نحن لأن بعضا منّا يتبنى ما يصدر من الاعلام في اوروبا وامريكا ويتعامل معه وكأنه وحي منزل وليبدأ في انقياده هذا للتأثير على العقول والافكار من خلال المصدر الخارجي. ختام القول إننا لا نلوي الى معاداة ولا الى موالاة، بل التأكيد على أن الاعلام في زمننا الحالي يعيش فوضى أخلّت بالمصداقية حتى لدى أكبر رعاتها في الاعلام الغربي وهم قد لا يلومون انفسهم من فرط التسابق المحموم الذي جعل من الاعلام وسيلة اولى للتلاعب بالعقول، وهنا ونحن لا ننكر ان التسرع هو الافة الأولى للاعلام لكن لا ننسى ان هناك تلاعبا بالمعلومات قد يخدم اهداف الوسيلة الاعلامية.. وهنا تكون مصلحتها بالكذب والافتراء.