جاءت أرملة الفنان فازلي كاندنسكي الروسي الأصل أستاذ الباوهاوس الألمانية ورائد التجريدية التعبيرية في الفن التشكيلي، جاءت لمدير متحف الفن الحديث بأميركا «MOMA» ومعها وثائق تبرهن ادعاءها بأن زوجها هو من أسس للتجريدية في الفن التشكيلي كفكر ومدرسة واتجاه وتيار فني مهم؛ انبثقت منه عدة اتجاهات ومذاهب داخلية حتى اليوم. من ضمن وثائقها صورة لأول لوحة تجريدية رسمها كاندنسكي عام 1911م -وشاهدت لوحة له قبلها موقعة ومؤرخة 1910 في مركز الملك فهد الثقافي الرياض 2018م، مدرج صورتها- فيها أسلوب غير تمثيلي أو تشبيهي، أي لم يظهر فيها شكل لصورة معينة معروفة لدى المشاهد، كما كان برفقتها رسالة كتبها كاندنسكي عام 1935م لصاحب غالري بنيويورك مصرّاً على أنه والد المدرسة التجريدية عندما رسم اللوحة في 1911م. أحال مدير متحف موما هذا الادعاء «القضية» للخبراء بالمتحف واستعان بعدد من أساتذة تاريخ الفن بالجامعات ومراكز البحوث في أميركا، حيث أكدوا ظهور التجريدية بين عام 1910-1925م وأنه تغير بسببها فكر ومفهوم الفن الحديث وما بعد الحديث. قام فريق العمل بشكل فردي وجماعي ببحث مسحي تاريخي مكتبي متحفي وثائقي، اكتشفوا خلالها بعض النتائج غير المعروفة، منها أنهم وجدوا لوحة مائية لباقة زهور مرسومة بطريقة تجريدية رسمها الفنان الفرنسي فرانسيس بيكابيا عام 1909، وهي تسبق لوحة ونظريات كاندنسكي بعامين. كما وجدوا لوحة تجريدية رسمتها فنانة سويدية اسمها هيلما كلينت عام 1906م، وعند التعمّق في البحث والتحري وتحليل أعمالها وجدوا أنها كانت تجمع أصدقاءها منذ عام 1880 لعمل ورش عمل للرسم الحر وبتلقائية إحساس ومشاعر داخلية، ونمت وتطورت هذه الممارسات حتى أفرزت أعمالاً تجريدية وتعبيرية رغم عدم ظهور مصطلح «التجريدية» آنذاك، كما وجدوا لها عبارة قالتها (هناك قوى روحيّة تحرّك يدي أثناء الرسم). الجدير بالذكر، أن من أهم المعايير التي اعتمدوا عليها الباحثين في هذه المسألة هو موقف الفنان الخاص وتصريحاته بأنه يصنع أعمالاً مجردة. طبعاً، من الأهمية بمكان الإشادة بجهود فازلي كاندنسكي وبِت موندريان في تنظير هذه الممارسات الفنية التي اتخذت الطابع الإبداعي -رغم عدم وجود مسمىً لها- وتفتقر للجوانب الفلسفية والفكرية القائمة على نظريات حيث كتبوا وألّفوا كتب «الروحية في الفن» ومجلة «دي ستايل» تهتم بالبناء الفكري وتدعيم التجريدية نظرياً وفلسفياً. *أكاديمي وناقد فني هيلما أف كلينت، المجموعة الثالثة، 1907 فرانتيسك كوبكا، أمورفا: 1912. متحف الفن الحديث، نيويورك فاسيلي كاندينسكي، 1911م