تعتبر مسألة الجاهزيّة للتعامل مع الأزمات مسالة إداريّة (استراتيجيّة) في المقام الأول لأنها واحدة من أسس العمل الإداري العصري، ولكن يمكن الإشارة في مجال الجاهزيّة الإعلاميّة إلى مجموعة من القواعد الأساس التي يمكن أن تسهم في التعامل مع الأزمات المفاجئة بطريقة احترافيّة ومنها: القاعدة الأولى: تكوين فريق عمل محترف، يرأسه قائد كفء ويضم بين أعضائه المتمرسين المميّزين الذين يمتلكون مع الخبرات المعارف والمهارات التي تمكنهم من تحديد مفاصل الأزمة وتوقع الأزمات اللاحقة وإعداد سيناريوهات التعامل معها. القاعدة الثانية: الكفاءة في قياس الرأي العام ومحرّكاته والأثر المتوقع للرسائل الإعلاميّة والمبادرات الاتصاليّة على شرائحه المتنوعة. ويشمل ذلك المهارة في إجراء الحسابات الدقيقة للأثر الإيجابي والسلبي لأي مبادرة أو رسالة ومدى تعارض بعض هذه الرسائل والمبادرات أو توافقها مع الهدف الاستراتيجي أو المبادئ الحاكمة على منطلقات المؤسسة. القاعدة الثالثة: بناء الثقة والمصداقيّة، وهذه من أهم أسس العمل الإعلامي في الأزمات وتُبنى المصداقيّة قبل الأزمات وتُستثمر أثنائها. وحتى يتحقق ذلك فلا بد من التأكيد على أهميّة الاستعانة بأفضل العناصر البشريّة التي تتمتّع بدرجة عالية من الثقة بين الجماهير المستهدفة. ومرد ذلك إلى أن الأزمات في غالبها هي مباريات أفكار وحرب عقول وقلوب وهنا لن يكسب "الناس" سوى الماهر جدّا ومن يتّسم في سمعته بالصدق والثقة. القاعدة الرابعة: تشكيل فريق متابعة ورصد مستقل عن فريق الأزمة لتجنّب ازدواج العمل وتداخل التقييم مع الإدارة اليوميّة للأزمة. وتكون مهمة هذا الفريق الأساس مركزة على رصد الواقع وتقييم الدروس المستفادة واقتراح موجبات التدخّل السريع في مفاصل عمل فريق الأزمة. القاعدة الخامسة: فكر عالميا تصرف محليا وهي قاعدة أنتجها التشابك العالمي للوسائل والمنصّات الرقميّة. وهنا على فريق إدارة الأزمة تذكّر حقيقة أننا في عصر الإنترنت والفضائيات وأن الجمهور المحلي والعالمي سواء بسواء باتا شريكان مؤثران في مسارات العمليّة الاتصاليّة والإعلاميّة. ومن المهم أن يسهم المحتوى المقدم بكافة أشكاله في دعم الجهود الوطنيّة بموضوعيّة واتزان ويدعم رفع مستوى الوعي العام بالأحداث بوضوح ومصداقيّة. ومن هنا نجد أن إعلام التعبئة والحشد الانفعالي قد لا يكون مطلوباً إلا في حالات المواجهة الحربيّة الشاملة ووقتها يمكن أن نسمع عن الإعلام الحربي أو العسكري ونحو ذلك. القاعدة السادسة: ضبط مدخلات الأزمة لتقصير عمرها، وهذا يتطلّب العمل بفعاليّة وكفاءة لتجويد استثمار الموارد مع تعزيز قرارات قائد فريق الأزمة الذي ينبغي أن يتسم بالحسم في القرار والرشد في صناعته لوضع حد للأزمة فإطالة إدارة الأزمة يعني فقدان السيطرة على إدارتها. وفي كل الأحوال فليست كلّ الأزمات شرّا مستطيرا فقد تكون الأزمة مفتاح مستودع أخطاء تراكمت وأزمات تنتظر الفرصة. وحتى تسلم - أيّها القائد - لا تثق كثيرا بتقارير من يطمئنك بانتهاء الأزمة وأنها مسألة ساعات، فالأزمة قد "تكمن" ثم تهبّ كالعاصفة. قال ومضى: اعلم يا صاحبي أنما هو أسوأ من فقدان الحريّة.. إساءة استخدامها حينما تُتاح.