حينما يتمكّن شرار الناس من التقنيات الذكيّة جدا فلن تكون مبالغة من "إيلون ماسك" حينما قال عبارته الشهيرة: مع الذكاء الاصطناعي نحن نستدعي الشيطان "With artificial intelligence, we are summoning the demon". ولهذا ينبغي للعالم مع هذه الحفاوة بالروبوتات الذكيّة ومقدّمات توظيف الذكاء الاصطناعي في حياة الناس التنبّه للمخاطر المحتملة لهذه التقنيات خاصة حينما تقع في يد الأشرار والدول المارقة على النظام الأخلاقي والقانوني، ومما ينبغي عدم التغافل عنه أيضا إدراك حقيقة أن ما ظهر للعلن حتّى الآن من تقنيات الذكاء الاصطناعي هو فقط الحد المسموح به وما خفي أعظم. واليوم نرى كثيرين يتحدثون عن مستقبل المخاطر الوجودية، والأسباب الأكثر احتمالًا لانقراض الإنسان، ولكن القلّة فقط هم من يكرّرون التحذيرات من أن الذكاء الاصطناعي - في كثير من الدراسات - يأتي وباستمرار في أعلى قائمة التهديد الوجودي للمجتمع البشري، بل إن دراسات تنبئية مهمة ترى أن احتمالية أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انقراض الإنسان تتجاوز احتمالية تغير المناخ والأوبئة وضربات الكويكبات والبراكين العملاقة والحرب النووية مجتمعة. ويشير المتخصصون تحديدًا إلى التهديدات الكبرى لما يُعرف بالذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، وإمكاناته ذات القدرات الهائلة التي تشمل الإدراك وحل المشكلات والمهارات الاجتماعيّة والإبداع والذكاء العام، ولهذا فإن تطوير المزيد من تطبيقات وأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدّمة للغاية ومنها تلك التي تطور ذاتها بذاتها "self-improving AI" يمكن أن يشكّل مخاطر كارثية غير مسبوقة في التاريخ، إذا لم يتم التحكّم فيها بشكل صحيح أو تطويعها لتتماشى مع القيم الإنسانية. ومن المخاطر الجنونية المتوقّعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي تزايد توظيفه في صناعة أنظمة الأسلحة المستقلة "Autonomous Weapons" وما يمكن أن يثيره ذلك من مخاوف بشأن احتمالية سوء استخدام هذه الأنظمة، أو التلاعب بها، أو تضخيم مخاطر معيّنة لصنع قرارات آلية مجنونة وتفعيلها وما يمكن أن يحدث نتيجة لذلك من عواقب غير مقصودة ليس أقلّها تصعيد الصراعات. على المستوى الفردي والمجتمعي هناك مخاوف ظهرت آثارها؛ حيث البطالة، وفقدان الحس الإنساني في القرارات، ولكن المخاوف ستزداد مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المراقبة الجماعية والتطفّل على حياة الناس على أوسع نطاق، وهو أمر سيؤدّي إلى تآكل احترام الخصوصية، وتقليص مساحات الحريات الشخصية، وفي هذا السياق أيضا ستزيد المخاوف من تطور تقنيات "التزييف العميق" والتلاعب مما سيؤثر على مستوى ثقة الناس فيما بينهم، وثقتهم في المؤسسات وسيجعل من الصعب جدا التمييز بين المحتوى الحقيقي، والمحتوى الذي تم التلاعب به، ما قد يؤدي إلى انتشار وتداول المعلومات المضللة ومع سوء الاستغلال والتوظيف قد يقود هذا كلّه إلى اضطرابات اجتماعية غير محسوبة، وعلى مستوى الدول فلربما يؤدي سباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي إلى توترات جيوسياسيّة ومخاطر مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي الفائق للأغراض العسكرية أو التجسس أو المنافسة الاقتصادية. * قال ومضى: (على كرسي المنصب) وبعد أن غاب الصادق (الصاحب) تأمل من حوله فلم يجد سوى (الراهب والراغب).