تشير الدراسات والتنبؤات وواقع الحال إلى أن الإعلام الجماهيري في مستقبل الأيام (ربما) سيواصل رحلة التحولات الكبرى وبوتيرة أسرع أكثر من أي مهنة أخرى، ويعود جزء من ذلك التحول إلى أن المهنة الإعلاميّة ترتبط بشكل معقّد بالإنسان والتقنيّة والسياسة والثقافة وبالطبع التجارة والاقتصاد، ويمكن استنادًا لهذه التنبؤات وما تقوله مختبرات الذكاء الاصطناعي الإشارة إلى أوضح عشر مرتكزات ستكون الأبرز في تشكيل مستقبل الإعلام في السنوات القريبة المقبلة: أولاً: استمرار ثورة التحول الرقمي وإعادة تشكيل المشهد الإعلامي، إذ ستتراجع بصورة أكبر معظم الأشكال التقليديّة لوسائل الإعلام لمصلحة المنصّات الرقميّة، ولا يقتصر مستقبل الإعلام على التحول الرقمي فحسب، بل يتعلق بالتحول الرقمي نفسه الذي لا يمكن التنبؤ بكل المقبل منه. ثانيًا: سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في إنشاء المحتوى وتخصيصه (personalization) وتوزيعه، ومع التطوّرات المستقبليّة والإقبال الجماهيري يمكن للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تساعد المؤسسات الإعلاميّة على تبسيط سير عملها وإنتاج المحتوى بشكل أكثر كفاية. ثالثًا: تعاظم دور تقنيات الواقع الافتراضي والمعزّز والتي يمكن أن يؤدّي دمجها في التجارِب الإعلاميّة إلى إحداث ثورة في سرد القصص والترفيه، وتقديم محتوى جذّاب من حيث الجماهيريّة وتفاعلي من جهة تجرِبة الاستخدام. رابعاً: تطوّرات تقنية 5G وغيرها مثل تقنيات البث الشبكي الفضائي بما يؤدّي إلى تعزيز الاتّصال وتسهيل البث بشكل أسرع وأكثر سلاسة للمحتوى عالي الجودة، مما يؤثر على الخيارات والطرق التي يستخدم بها الأشخاص الوسائط. خامسًا: تنامي جماهيريّة المحتوى الذي ينشئه المستخدم (UGC)، ومقدماته اليوم المتمثلة في محتوى منصّات التواصل الاجتماعي الذي يواصل النمو، مما سيشكّل تحديًا لوسائل الإعلام التقليديّة ويؤكد على أهميّة عنصري الأصالة والارتباط "authenticity and relatability" في صناعة المحتوى. سادسًا: تطوّرات تقنية البلوكشين والتي ستمكن من معالجة مشكلات وتحديات تواجه صناعة الإعلام، مثل: الشفافيّة وملكيّة المحتوى والتعاملات المالية الدقيقة الآمنة، ما قد يؤدّي إلى تغيير كيفيّة إنشاء محتوى الوسائط وتوزيعه وتحقيق الدخل منه. سابعاً: الاعتماد على خوارزميات التخصيص التي ستعمل على تمكين المنصّات والوسائط من تصميم المحتوى بناءً على التفضيلات الفرديّة في الشكل والمضمون واللغة، ما يساهم في توفير تجرِبة مستخدم أكثر تخصيصًا وجاذبيّة. ثامنًا: استمرار شعبيّة المحتوى الصوتي والبودكاست ومواصلة نمو هذا المجال مع عروض محتوى أكثر تنوّعًا وتخصّصًا مع توقعات جودة الابتكارات المحتملة في التقنيات الصوتيّة والمرئيّة. وسيتطلب ذلك تطوير مجسّات ومعايير ثقافيّة واجتماعيّة لتطوير المحتوى الإعلامي، يضمن التنوع والشمول والتمثيل لمختلف الفئات السكانيّة المحليّة والعالميّة. تاسعًا: ضغوط المحتوى المحلي في منصّات عالميّة، إذ ستحتاج المؤسسات الإعلاميّة إلى جهود كبرى بشريّة وتقنيّة لتحقيق التوازن بين حاجة المجتمع المحلي وعالميّة المنصّات وأهميّة استيعاب وجهات النظر واللغات والثقافات المحليّة لإشراك جماهير متنوعة في جميع أنحاء العالم. عاشرًا: مواجهة تحديات اتصالات الأزمات وما يرافقها من تحديات حملات التضليل بما يتطلب مع التشريعات إمكانات فنية وآليات دقيقة للتحقّق من المصادر والممارسات الإعلامية المسؤولة في تغذية التقارير والقصص الإخبارية عمومًا. * قال ومضى: إذا لم تكن مهتماً بالمستقبل فكيف تبحث عن مكانك فيه؟