تراجع التمويل السكني المقدم من البنوك للأفراد خلال السنتين الماضيتين بحوالي 51 % مقارنة من عام 2021 التي سجلت أعلى حجم تمويل بحدود 152 مليار ريال، يعزى هذا التراجع الى عدة أسباب منها ارتفاع سعر الفائدة وتعديل مصفوفة الدعم السكني التي أصبحت تمنح المواطن الراغب في شراء سكن مبلغاً مقطوعاً وغير مسترد 100 ألف ريال أو 150 ألف ريال حسب الدخل، في السابق كان الصندوق العقاري يتحمل قيمة الفوائد عن ال500 ألف ريال ويتحمل المواطن فوائد القرض إذا زاد عن هذا المبلغ وبأسعار الفائدة المنخفضة في عام 2021 حيث كانت الفوائد التي يتحملها المقترض 250 ألف ريال لقيمة قرض بمليون ريال لمدة 25 سنة، أما الآن فإن قيمة الفوائد التي يتحملها المقترض تتجاوز قيمة القرض على متوسط سعر فائدة القروض العقارية التي تقدمها البنوك، وهذا سبب رئيس لعزوف المواطنين عن الحصول على القروض السكنية، ناهيك عن التضخم في أسعار المساكن وهذا يتضح في الجدول المرفق التي يقيس متوسط قيمة التمويل السكني الذي ارتفع من 582 ألف ريال في عام 2019 إلى أكثر من 779 ألف ريال في نهاية عام 2022 بنسبة نمو تجاوزت 31 % هذا المتوسط العام أما المدن الرئيسية فإن الزيادة بالتأكيد أكثر، خلال عام 2023 لاحظنا تراجعاً في متوسط قيمة التمويل السكني إلى 756 ألف ريال بنسبة تراجع 2 % وهذا التراجع سببه ضعف الطلب على شراء الوحدات السكنية مما دفع المطورون العقاريون إلى عمل خصومات لجذب المشترين ولاحظنا تراجعاً سريعاً في متوسط قيمة عقد التمويل السكني خلال الأشهر الأخيرة من عام 2023 حيث انخفض متوسط قيمة التمويل بأكثر من 9 % في شهر ديسمبر مقارنة مع أغسطس وهو ما يؤكد أن التراجع في متوسط قيمة العقود ناتج عن تراجع حقيقي في قيمة الوحدات السكنية، أسعار الفائدة سوف تستمر عند المستويات الحالية، حيث تم تثبيتها في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع الماضي واستبعد جيروم باول بشدة فكرة أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة في شهر مارس المقبل، وهذا سوف يشكل ضغطاً على السوق العقارية وتحديداً بيع الوحدات السكنية مع استمرار ضعف الطلب على التمويل السكني، ولذلك قد نشاهد مزيداً من التراجع في أسعار بيع الوحدات السكنية وقد تتحسن المبيعات إذا كان الخصم المقدم يوازي تكلفة التمويل الذي ارتفع بسبب أسعار الفائدة، الوحدات السكنية التي تقدمها الشركة الوطنية للإسكان تراجعت تكاليفها مع ضخ المزيد من الوحدات السكنية وتطبيق نسبة تمويل مخفضة على مشاريعها، لتصل نسبة التمويل إلى 2.59 % من دون تحديد سقف رواتب لأول 10 آلاف عقد بيع على الخريطة، وهذا بلا شك تهديد فعلي للوحدات السكنية التابعة للمطورين العقاريين، ومتوقع ضخ أكثر من 300 ألف وحدة سكنية في 8 ضواحٍ و6 مجتمعات سكنية على مساحة أكثر من 120 مليون م2 تتسع لأكثر من مليون مواطن، وتسعى أيضاً إلى إيجاد حلول لتأمين سلاسل الإمداد بجودة عالية ومواد إنشائية أكثر استدامة، وذلك في إطار حرص الشركة على زيادة المعروض العقاري بخيارات سكنية وفق معايير عالمية على أن تصل إلى 600 ألف وحدة سكنية بنهاية 2030 من أجل تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، برفع نسبة التملك السكني للأسر السعودية إلى 70 %، وهذا يحتم على المطورين العقاريين استشراف المستقبل وتغيير منهجية أعمالهم بما يتماشى مع الرؤية لضمان البقاء في سوق لن يقبل بعد الآن إلا تصاميم مبتكرة وجودة بناء عالية وأسعار منافسة، لعقود مضت كان مصدر تمويل الاستثمار العقاري هو المساهمات العقارية التي كانت توفر أي سيولة لأي عقاري بكل سهولة ودون أي حوكمة أو تنظيمات والتي أدت إلى طفرة في الاستثمارات العقارية غير المدروسة وطلب ضخم على الاستثمار العقاري مما أدى إلى تضخم أسعارها وعندما منعت تلك الممارسات وكانت هي مصدر التمويل الوحيد نتج عن ذلك تعثر وتعطل مساهمات بمبالغ ضخمة، هذه الممارسات عادت مرة أخرى مع الطفرة العقارية الأخيرة ولكنها مساهمات في الخفاء وكانت تحقق عوائد جيدة للمساهمين، أما مع الركود الذي حدث الفترة الأخيرة في بيع الوحدات السكنية وتراجع أسعارها سوف يؤدي إلى تأخر الوفاء بإعادة مبالغ الاستثمارات إلى أصحابها وهنا سوف تظهر تلك المساهمات الخفية على شكل قضايا استيفاء حقوق في المحاكم.