انتهت الهدنة في قطاع غزة صباح الجمعة واستأنف جيش الاحتلال ضرباته الجوية وقصفه المدفعي فيما عاودت حركة حماس إطلاق الصواريخ باتجاه الدولة العبرية. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية التابعة لحركة حماس سقوط أكثر من 100 شهيد منذ انتهاء الهدنة الموقتة الجمعة. وقالت الوزارة في بيان "أحصت الوزارة أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى نتيجة القصف الجوي على المدنيين في قطاع منذ انتهاء الهدنة الإنسانية صباح الجمعة". ورغم استئناف الأعمال العسكرية، تتواصل المفاوضات حول الهدنة، على ما أفادت وزارة الخارجية القطرية الجمعة. عودة آلاف السكان إلى المستشفيات والمدارس ومع بدء الضربات، باشر آلاف سكان قطاع غزة العودة إلى المستشفيات والمدارس التي أصبحت ملجأ للنازحين، على ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس في القطاع المحاصر. واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حماس صباح الجمعة "بانتهاك الاتفاق" وب"إطلاق صواريخ" باتجاه الدولة العبرية. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه "استأنف القتال ضد حركة حماس في قطاع غزة"، فيما دوّت صافرات الإنذار في بلدات إسرائيلية قريبة من القطاع. وقال الجيش إنه اعترض بنجاح صاروخا أطلِق من قطاع غزة قبل ساعة تقريبا من انتهاء الهدنة، ولم يعلن أي طرف مسؤوليته عن عملية الإطلاق تلك. في أعقاب ذلك، تحدث شهود عيان لوكالة فرانس برس عن تحليق كثيف لطائرات عسكرية ومسيّرات في المناطق الشمالية الغربية لمدينة غزة. ووجه الجيش الإسرائيلي رسائل عبر الهاتف إلى سكان بعض أحياء مدينة غزة فضلا عن بلدات عند الحدود بين إسرائيل والقطاع يحثهم فيها على "المغادرة فورا" لأنه سيشن "هجمات عسكرية قاسية". الكابوس المروّع.. أكثر من 100 شهيد وفي إطار استئناف القتال، أعادت السلطات الإسرائيلية فرض قيود كانت سارية قبل الهدنة داخل إسرائيل. ففي مناطق عدة لا يمكن للمدارس إعادة فتح أبوابها إلا إذا كانت مجهزة بملجأ يحترم المعايير. تواصل الجهود وأكدت وزارة الخارجية القطرية في بيان الجمعة "أن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مستمرة بهدف العودة إلى حالة الهدنة"، داعية "الأسرة الدولية إلى "سرعة التحرك لوقف القتال". وكانت حماس أبدت استعدادها الخميس لتمديد الهدنة في قطاع غزة بعد دعوة في هذا الاتجاه وجهها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وخلال زيارته إسرائيل والضفة الغربية المحتلة حيث التقى على التوالي رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قال بلينكن الخميس "واضح أننا نريد لهذا المسار أن يمضي قدما.. نريد يوما ثامنا وأكثر"، داعيا إلى تمديد الهدنة. وشدد بلينكن على وجوب أن تضع إسرائيل "موضع التنفيذ خططا لحماية المدنيين بهدف التقليل من الضحايا الفلسطينيين الأبرياء" في حال استئناف المعارك. وتم الالتزام بالهدنة لمدة سبعة أيام بعد سبعة أسابيع من قصف صهيوني مدمر على قطاع غزة جاء ردا على هجوم دام غير مسبوق شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأوّل / أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية. وأسفر الهجوم عن سقوط نحو 1200 قتيل في إسرائيل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب السلطات الإسرائيلية. وتوعّدت إسرائيل ب"القضاء" على حماس، وأوقع القصف المكثف على غزة والذي ترافق اعتبارا من 27 تشرين الأول /أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، قرابة 15 ألف شهيد، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل. ويقدّر الجيش الإسرائيلي عدد الأشخاص الذين احتجزوا واقتيدوا رهائن إلى قطاع غزة في هجوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر بنحو 240.وأتاحت الهدنة إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية و240 أسيرا فلسطينيا، كذلك أطلِق سراح أجانب معظمهم تايلانديون يعملون في إسرائيل، من خارج إطار اتفاق الهدنة. كما أتاحت الهدنة دخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر والمدمر. وأفرج الخميس عن ثماني رهائن محتجزين في قطاع غزة في إطار اتفاق الهدنة. في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح ثلاثين فلسطينيا جميعهم من النساء والقاصرين بموجب اتفاق الهدنة. مزيد من القتلى وسمح اتفاق الهدنة بموازاة الإفراج عن رهائن ومعتقلين بزيادة كمية المساعدات التي تدخل قطاع غزة الذي يعاني سكانه البالغ عددهم نحو 2,4 مليون نسمة من نقص كبير في المواد الغذائية والأساسية. لكن الحاجات تبقى كبيرة جدا في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي بحري وجوي بري منذ العام 2007 عندما تسلمت حركة حماس السلطة فيه. وشدّدت الدولة العبرية هذا الحصار منذ التاسع من تشرين الأول / أكتوبر. وتفيد الأممالمتحدة أن 1,7 مليون من سكان القطاع نزحوا جراء الحرب فيما تضررت نصف الوحدات السكنية او دمرت. وفر مئات الآلاف من شمال القطاع الذي تعرّض لدمار هائل جنوبا ، لكن في خان يونس في جنوب قطاع غزة حيث قتل 12 شخصا الجمعة ، قال أنس أبو دقة "تعرضت منازلنا للقصف ونحن في داخلها".وأوضح بعدما سارع إلى مستشفى ناصر "عندنا تقريبًا سبع إصابات، ومنازلنا دمرت بكاملها"، مضيفا "عادت الحرب بكل شراسة". الأممالمتحدة تبدي أسفها العميق أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "أسفه العميق" لاستئناف القتال في قطاع غزة بعد هدنة استمرت سبعة أيام في رسالة الجمعة عبر منصة إكس، مبديا أمله في تجديد الهدنة. وقال غوتيريش بعد ساعات قليلة على استئناف الجيش الإسرائيلي قصف غزة "ما زلت آمل التمكن من تجديد الهدنة. استئناف العمليات العسكرية يظهر أهمية التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني فعلي". إسرائيل تتوعد ب"ضربة قاضية" توعد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية الجمعة حركة حماس ب"ضربة قاضية"، بعد ساعات على انتهاء الهدنة في قطاع غزة واستئناف الأعمال العسكرية. وقال إيلون ليفي في تصريح صحافي "ستتلقى حماس الآن ضربة قاضية"، متهما الحركة بعدم تسليم قائمة رهائن تعتزم إطلاق سراحهم لقاء معتقلين فلسطينيين في حال تمديد الهدنة عملا بالاتفاق الذي كان ساريا، وبإطلاق صاروخ على الأراضي الإسرائيلية قبل انتهاء الهدنة عند الساعة 7,00 (5,00 ت غ) الجمعة. وأضاف، "قررت حماس وضع حد للهدنة بعدم إفراجها عن كل النساء المخطوفات". من جهتها حملت حماس إسرائيل مسؤولية استئناف الأعمال العسكرية مؤكدة أنها لم تستجب لعروض للإفراج عن المزيد من الرهائن خلال الليل. وأعلنت حماس في بيان "عرضنا تبادل الأسرى وكبار السن، كما عرضنا تسليم جثامين القتلى من الأسرى جراء القصف الإسرائيلي" مؤكدة رفض إسرائيل هذه العروض "لأنّ لديها قرارا مسبقا باستئناف العدوان الإجرامي". استئناف قتل الأطفال أسفت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) الجمعة لانتهاء الهدنة في قطاع غزة منددة بالذين قرروا "استئناف قتل الأطفال". وأوضح الناطق باسم اليونيسف جيمس إدلر لصحافيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من غزة "عدم التحرك يعطي الضوء الأخضر لقتل الأطفال" مضيفا "من غير المسؤول التفكير بأن هجمات جديدة على الشعب في غزة قد تؤدي إلى أي شيء آخر سوى مذبحة". استئناف الحرب "كارثي" اعتبر مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة فولكر تورك الجمعة أن استئناف الأعمال العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة "كارثي". وقال في بيان "أحضّ جميع الأطراف وجميع الدول التي لديها تأثير عليها، على مضاعفة الجهود فورا لضمان وقف إطلاق نار" معتبر أن التصريحات الإسرائيلية عن "توسيع وتكثيف" الهجوم على قطاع غزة "مقلقة جدا". "الكابوس المروع" قال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبير مارديني الجمعة لوكالة فرانس برس إن تجدّد القتال بين حركة حماس وإسرائيل بعد هدنة استمرت أسبوعا يعيد "الكابوس المروِّع إلى ما كان عليه" في قطاع غزة. وعلى هامش مشاركته في مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ (كوب28) في دبي، قال مارديني "الناس على حافة الانهيار، المستشفيات على حافة الانهيار، وقطاع غزة بأكمله يواجه حالة خطيرة جدًا". وقال مارديني إن استئناف القتال يعيد سكان غزة "إلى الكابوس المروع الذي عاشوه قبل سريان الهدنة"، متحدثًا عن "معاناتهم والدمار وخوفهم وقلقهم وظروفهم المعيشية الخطرة". وقال مارديني: "لا يوجد مكان آمن يذهب إليه المدنيون"، مشدداً على التحديات التي تواجهها المستشفيات والمنظمات الإنسانية. وقال "شاهدنا في المستشفيات التي تعمل فيها فرقنا خلال الأيام الماضية، وصول مئات الأشخاص المصابين بجروح خطيرة.. لقد تجاوز تدفّق الجرحى المصابين بجروح خطيرة القدرة الحقيقية للمستشفيات على استيعاب الجرحى وعلاجهم، لذلك فالتحدي هائل". المساعدات في خطر وقال مارديني "مع استئناف الحرب، من المرجح أن ينخفض حجم المساعدات.. والأهم من ذلك هو أن المنظمات الإنسانية، مثل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وغيرها مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالات الأممالمتحدة، ستتراجع قدرتها على توصيل المساعدات إلى الناس". وأضاف، "حتى الناس ستقل قدرتهم على الوصول إلى الأماكن التي يمكنهم تلقي المساعدات فيها".