إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في الهند، بشأن إنشاء ممرٍ اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بممريه «الشرقي» الذي يربط الهند مع الخليج و»الشمالي» الذي يربط الخليج بأوروبا، ثم توقيع مذكرة التفاهم مع كل من أميركا، الهند، الإمارات، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، والاتحاد الأوروبي، له أبعاد اقتصادية أكبر من مجرد تصدير وتوريد المنتجات والخدمات، حيث إن الهند تحتل المركز الخامس حاليا كأكبر اقتصاد عالمي بناتج محلي إجمالي بلغ 3.34 تريليون دولارا وبمعدل نمو 7.1 % في 2022، ومن المتوقع ان تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد عالميا بحلول 2030 إن لم يكن بحلول 2027، كما أنها ثالث اكبر مستورد للنفط في العالم واستوردت من السعودية ما بين 484 - 734 مليون برميل يوميا في الفترة السابقة، ولذا أكد رئيس الوزراء الهندي مودي أن الممر سيعطي اتجاها جديدا للاتصال والتنمية المستدامة للعالم بأسره. ولأهمية هذا الممر والعلاقات الاقتصادية السعودية الهندية، تم توقيع 50 اتفاقية فيما بينهما ب 3.5 مليار دولارا في عدة قطاعات من أبرزها الطاقة والبتروكيماويات والزراعة والصناعة، وهذا سيزيد من حجم التبادل التجاري وتدفق البضائع بشكل سريع من خلال ربط الموانئ بالسكك الحديدية بين البلدين والذي نما ب 50 % الى 52.4 مليار دولار في عام 2022، حيث بلغت قيمة الصادرات السعودية إلى الهند، ومن أهمها المنتجات المعدنية والكيماويات والأسمدة، نحو 42 مليار دولارا، فيما استوردت السعودية من الهند سلعا، ًمن أهمها الحبوب وأجزاء السيارات، بقيمة 10.5 مليار دولار، ليصل الفائض التجاري السعودي إلى 31.5 مليار دولارا. إنه ممر اقتصادي يتسق مع أهداف المخطط العام للمراكز اللوجستية الذي يضم 59 مركزاً، الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان في 27 أغسطس 2023، لتطوير البنية التحتية للقطاع اللوجستي في المملكة وتنويع الاقتصاد المحلي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة. وأكد ولي العهد، أن المخطط يهدف إلى تطوير القطاع اللوجستي لدعم النمو الاقتصادي وتطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي كونها تمتاز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاثاً من أهم قارات العالم (آسيا، وأوروبا، وأفريقيا). كما أنه أيضاً ينسجم مع اهداف مشروع تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) وهو من أهم برامج رؤية المملكة 2030، الذي تم إطلاقه في 22 يناير 2019، لتعزيز التكامل بين أهم القطاعات الاقتصادية في مجالات الطاقة، التعدين، الصناعة، الخدمات اللوجستية. ونتيجة لهذه الجهود حققت السعودية تقدما ملحوظا في مؤشر الكفاءة اللوجستية الذي صدر من البنك الدولي في إبريل الماضي، حيث تقدمت من المرتبة 55 إلى 38 من بين 160 دولة. وتستهدف الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية أن تكون المملكة أفضل 10 دول ضمن مؤشر الأداء اللوجستي العالمي بحلول 2030. إن الممر الجديد سيكون له أثر إيجابي مضاعف على حجم التبادل التجاري بين الشرق والخليج العربي، سلاسل الإمداد، نقل الكهرباء المتجددة، الهيدروجين الأخضر من «نيوم» التي ستنتج 600 طن يومياً بحلول عام 2026، ونمو الاقتصاد الرقمي والربط والنقل الرقمي للبيانات عبر: السكك الحديدة، الكابلات، وخطوط أنابيب، كابلات الألياف البصرية. إنه مشروع التنوع الاقتصادي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وتعظيم الصادرات غير النفطية إلى الأسواق العالمية بسرعة وكفاءة، مما يعزز دور وتأثير المملكة القيادي على المستويين الإقليمي والعالمي في مجال أمن الطاقة بنوعيها التقليدي والنظيف.