أظهرت البيانات الصادرة من قبل الهيئة العامة للإحصاء، يوم أمس الأربعاء 15 فبراير 2023 ارتفاع معدل التضخم السنوي بالمملكة بنسبة 3.4 % في شهر يناير الماضي، مقارنة بالشهر المماثل من عام 2022، كما سجل معدل التضخم ارتفاعاً طفيفاً على أساس شهري بنسبة 0.2 % في يناير الماضي، مقارنة بشهر ديسمبر 2022، وذلك نتيجة لزيادة أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى بنسبة 6.6 %، وأسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 4.2 %. وأكد عدد من المختصين أن نسب التضخم المسجلة المملكة ما زالت عند حدود معقولة وفي نطاق المتوقع، وهي أقل بشكل كبير من معدلات التضخم العالمية التي تشهد ارتفاعات غير مسبوقة منذ ظهور جائحة كورونا وعدد من التوترات الجيوسياسية، نتيجة للخطوات التي باشرتها الدولة لكبح جماح التضخم واحتوائه والتي منها فرض سقف لأسعار الوقود والحرص على استمرار زخم البرامج والمشاريع التنموية إضافة إلى دعم استمرارية سلاسل الإمداد والتوريد التي تلبي احتياجات المستهلك من السلع والخدمات. البيانات الصادرة من قبل الهيئة العامة للإحصاء، أرجعت هذه الزيادة في معدل التضخم إلى ارتفاع أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواعه، بنسبة 6.6 %، وأسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 4.2 %، كما بينت ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 7.7 % في يناير 2023، مما يعكس الزيادة في أسعار إيجارات الشقق بنسبة 19.3 %، وكان للارتفاع في هذا القسم تأثير كبير في ارتفاع التضخم السنوي لشهر يناير 2023، نظرا لوزنه في المؤشر، وجاء ارتفاع قسم الأغذية والمشروبات بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 4.3 %، متأثرة بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 6.1 %، وارتفاع أسعار الحليب ومنتجات البيض بنسبة 15.8 %. وأظهرت البيانات ارتفاع معدل التضخم في 8 مدن من أصل 16 مدينة يغطيها التقرير، تصدرتها عرعر، ثم نجران، ثم الدمام، ثم الرياض ومكة المكرمة، ثم الطائف والهفوف، ثم بريدة، في حين استقر معدل التضخم في حائلوجدة، وتراجع في 6 مدن، تصدرتها أبها تليها جازان. وتضمنت البيانات انخفاضا في أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 0.4 % متأثرة بانخفاض أسعار رسوم تكاليف طلب استقدام خادمة بنسبة -4.7 %، وكذلك انخفضت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 1.6 %، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة بنسبة -2.6 %. وقال المتخصص في مجال السياسات الاقتصادية، أحمد الشهري: إن البيانات الصادرة من قبل الهيئة العامة للإحصاء تتوافق بشكل كبير مع التوقعات المسبقة التي كانت وزارة المالية قد أعلنت عنها، فالمملكة جزء لا يتجزء من العالم واقتصادها يتأثر بالمؤثرات العالمية التي تؤثر في غيره من الاقتصاد، وتظهر البيانات بشكل واضح أن التدابير التي اتخذتها المملكة أسهمت بشكل كبير في احتواء تفاقم معدل التضخم وإبقائه عند حدود مقبوله وشبه متدنية قياسا بالارتفاعات الكبيرة التي تشهدها مختلف الاقتصادات الرئيسة والصاعدة في مختلف مناطق العالم. وأشار، أحمد الشهري، إلى أن السياسات والإجراءات التي اتبعتها وزارة المالية ووزارة التجارة في إدارة التضخم حدت من تفاقم ارتفاعه وحجمت ذلك الارتفاع وكان لتحديد سقف أعلى لأسعار الوقود دور كبير في ذلك الجانب إضافة إلى اتخاذ ما يلزم لضمان استمرارية توفر المنتجات والخدمات والسلع محلياً بأسعار تنافسية مع تكثيف الرقابة على استقرار الأسواق. بدوره قال المستشار التجاري الدكتور، عبدالرحمن محمود بيبة: إن محدودية الارتفاع الذي تسجله معدلات التضخم بالمملكة قياسا بالمعدلات المرتفعة المسجلة في مختلف دول العالم جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة لتبعات جائحة كورونا وتأثير مختلف التوترات الجيوسياسية والتغيرات المناخية، يعكس نجاح الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الدولة لاحتواء وإدارة التضخم، ومن أهم تلك الإجراءات التي تم اتخاذها تحديد سقف أعلى لأسعار الوقود إضافة إلى حماية وتشجيع القطاع الخاص وتمكينه كمشارك أساسي في النمو الاقتصادي، والعمل على استمرار زخم البرامج والمشاريع التنموية وتوفير المساكن للمواطنين وضمان سلاسة وصول وتوفر المنتجات والسلع والخدمات.