يبدو أن الركود الاقتصادي ستكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي في عام 2023 وسيكون مناقضاً للعام الذي سبقه، الذي شهدت فيه دول الخليج نمواً اقتصادياً وإيرادات نفطية قياسية، حيث بلغ متوسط سعر برنت 101 دولار وغرب تكساس 94.5 دولاراً في 2022، والتي كانت مدفوعة بالغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي والإنتاج عند أقصى طاقة فائضة، وهذا لن يتكرر بنفس الوتيرة السابقة في أسواق النفط. كما أن تأثير احتمالية ارتفاع الطلب الصيني على النفط بمليون برميل يومياً بعد تخفيف قيود كوفيد19 سيكون محدوداً. ويبقى العامل الأهم هو مخاوف الركود الاقتصادي العالمي التي تخفض الطلب العالمي على النفط، مع استمرار رفع الفدرالي لأسعار الفائدة خلال هذا العام والعام المقبل في ظل ارتفاع معدلات التضخم التي مازالت مرتفعة رغم تراجعها الطفيف. وقد تراجعت أسعار النفط في الربع الأخير من عام 2022 وفي آخر يوم من التداول، أغلق برنت عند 85.91 دولاراً وغرب تكساس عند 80.26 دولاراً. وأدى ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 في الصين إلى إضعاف الآمال في تعافي الطلب على الوقود في أكبر مستورد للنفط وثاني أكبر مستهلك في العالم. كما ارتفعت المخزونات التجارية الأميركية ب0.7 مليون برميل الى 419.0 مليون برميل في لأسبوع المنتهي في 23 ديسمبر مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، بينما انخفض مخزون الاحتياطي البترولي الاستراتيجي ب3.5 مليون برميل إلى 375.1 مليون برميل والأقل كمية منذ ديسمبر 1983، كما انخفضت مخزونات وقود السيارات بمقدار 3.1 مليون برميل وإنتاج النفط الى 12 مليون برميل يوميا. وتشير التنبؤات الأساسية الى تباطؤ النمو العالمي وتراجعه من 3.2 % في 2022 إلى 2.7 % في 2023، بينما الاحتمال الأسوأ قد يتراجع إلى 2 % في 2023. وبهذا سينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدةالامريكية، منطقة اليورو، الهند: من (1.6 %، 3.1 %، 6.8 %) في 2022 إلى (1 %، 0.5 %،6.1 %) في 2023 على التوالي. بينما سيرتفع نمو الصين من 3.2 % في 2022 إلى 4.4 % في 2023. كما أن معدلات التضخم العالمية، قد ارتفعت إلى 8.8 % في 2022، إلا أنه ستتراجع لاحقاً إلى 6.5 % في 2023 و4.1 % في 2024، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي في تقريره أفاق الاقتصاد العالمي، أكتوبر. وبرر الصندوق توقعاته، بأن الاقتصاد العالمي مازال يشهد تباطؤاً واسعاً فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستويات لم تسجلها خلال عدة عقود سابقة، نتيجة الأعباء الثقيلة جراء أزمة تكلفة المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية في معظم المناطق، والغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار جائحة كوفيد. ولهذا سوف تستمر أساسيات أسواق النفط متأثرةً بتباطؤ الاقتصاد العالمي، طلب الصين على النفط، ارتفاع الدولار المرتبط بارتفاع سعر الفائدة الفدرالية، وحظر روسيا تصدير نفطها ومشتقاته إلى الدول التي تلتزم بسقف السعر الغربي بداية من فبراير القادم لمدة خمسة أشهر، ونسبة الخصم على صادرات النفط الروسي، وارتفاع المعروض من بعض الدول خارج "أوبك+". فمن المتوقع أن لا ترتفع أسعار النفط إلى متوسط مستوياتها في 2023 في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وقد تتراوح ما بين متوسط 75-85 دولاراً في 2023 عند أفضل السيناريوهات المحتملة. ويبقى تعويل الاقتصاد العالمي على قرارات "أوبك+" لموازنة أسواق النفط في مسار آمن ونحو استقرارها.