في لبنان، حملت أمطار أواخر الخريف حملة للتكاتف ضد مرض السُكّري، لكنها حضّت مصر على الالتفات الى مرض الأنفلونزا، خصوصاً أن فيروساته قريبة من تلك التي تسبّبت في أوبئة ضارية مثل «سارس» و»طاعون الطيور» و»وباء الخنازير» وغيرها. في هذا الصدد، أطلق وزير الصحة المصري محمد مصطفى حامد أخيراً، حملة شعارها «معاً ضد الأنفلونزا»، بمشاركة 11 جمعية طبية متخصصة، وبرعاية شركة «سانوفي» Sanofi للأدوية. وتهدف الحملة إلى زيادة وعي المجتمع بخطورة الأنفلونزا. النظافة الشخصية أولاً أوضح وكيل وزارة الصحة المصرية للطب الوقائي الدكتور عمرو قنديل، أن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً للوقاية من مخاطر الأنفلونزا الموسمية، وترصد أي تحوّر فى فيروس الأنفلونزا، وهو من مؤشّرات الخطورة في هذا المرض. وأشار قنديل إلى أن معدل الوفيات الناجمة عن الإصابة بالأنفلونزا في مصر يصل إلى 0.36 في المئة، وهو أقل من مثيله العالمي الذي يبلغ 0.59 في المئة. وأوضح أن العناية بالنظافة الشخصية هي أولى خطوط حماية الإنسان من الأنفلونزا. وقال وزير الصحة المصري السابق الدكتور محمد عوض تاج الدين إن أعراض الأنفلونزا تتشابه مع أعراض الزكام العادي، لكن الأنفلونزا تشتدّ أحياناً إلى درجة ربما تهدّد الحياة، عبر مفاقمة أمراض كالالتهاب الرئوي، وهبوط (فشل) القلب، ومرض السُكّري. وأشار تاج الدين إلى نوع من الفيروسات أصدرت «منظمة الصحة العالمية» تحذيراً عنه بعد ظهوره في الخليج العربي ينتمي إلى عائلة «كرونا» التي تشمل الأنفلونزا. وفي السياق نفسه، أوضح أستاذ الأمراض الصدرية في كلية الطب في جامعة القاهرة الدكتور هشام طرّاف، أن الأنفلونزا يصيب الأشخاص من الأعمار كافة، لكنها ترهق من تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو تزيد، إضافة إلى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، بسبب ضعف جهاز المناعة لدى هاتين الفئتين. وينطبق وصف مُشابه على المُصابين بحالات طبية كأمراض القلب، والرئة، والكلي، والكبد، والسكري، وأمراض ضعف جهاز المناعة وغيرها. وبيّن أن هذه الحالات تتصل بما يزيد على 90 في المئة من وفيات الأنفلونزا. وأضاف طرّاف أن فيروس الأنفلونزا يشهد تحوّراً، بمعنى حدوث تغيّر في تركيبته جييناً، كل 20 أو 30 عاماً. ومع التحوّر، تشتد قوّة الفيروس، وربما انطلق في وباء يكتسب طابعاً عالمياً، ويُسمى جائحة «بانديمك» Pandemic. وفيات الأنفلونزا وأشار طرّاف إلى تقديرات ل»منظمة الصحة العالمية» تفيد بتسبّب الأنفلونزا سنوياً بإصابة ما يراوح بين 5 في المئة و15 في المئة من البالغين (وضعفيهم من الأطفال)، بأمراض تنفسيّة. وقدّرت المنظمة معدل الأمراض القويّة المتّصلة بالأنفلونزا عالمياً بقرابة خمسة ملايين، بينها ما يراوح 250 ألف و500 ألف وفاة. ونصح طراف بإعطاء التطعيم الخاص بالمرض في هذا الوقت من العام، مشيراً إلى أنه حتى وإن كان هذا التطعيم لا يحمي من الإصابة بالمرض، ولكنه يخفف من الأعراض ويمنع الإصابة بالمضاعفات. وأوضح أن فيروس الأنفلونزا يتحوّر باستمرار، وأن 5 مراكز لإنتاج لقاحات لهذا الفيروس، تعمل تحت إشراف «منظمة الصحة العالمية»، وتجمع سلالات الفيروس عالمياً كي تصنع لقاحاً يضمّ 3 سلالات من الفيروس على الأقل. كذلك رأى أستاذ أمراض القلب في كلية الطب في جامعة الإسكندرية الدكتور محمد صبحي، أن الأنفلونزا لها عبء اقتصادي ضخم، إذ تتسبب في إرباك العيادات والمستشفيات نتيجة وجود عدد كبير من المرضى بها. وأورد أن دراسة حديثة وجدت أن الكلفة السنوية المباشرة للأنفلونزا، بما فيها كلفة دخول المستشفى، وزيارات العيادات الخارجية وزيارات الأطباء والعقاقير وما إلى ذلك، تصل إلى 2.2 بليون دولار، في أميركا. وقُدّرت الكلفة غير المباشرة ب 8.8 بليون دولار في الولاياتالمتحدة. وأضاف صبحي أن الكلفة السنوية لتفشي الأنفلونزا تكلف ما يراوح بين مليون و6 ملايين دولار لكل 100 ألف نسمة، في دول كفرنسا وألمانيا والولاياتالمتحدة. وذكر أن الأنفلونزا تشكل خطراً كبيراً على مرضى القلب، خصوصاً عند حصول مضاعفات. ونصح مريض القلب بإدراج لقاح الأنفلونزا ضمن نظام علاجه، إضافة الى التشدّد في النظافة الشخصية، وتجنّب مخالطة المصابين بالفيروس، والأماكن المزدحمة، والتعرّض الى تيارات الهواء الشديدة في فصل الشتاء.